للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعلّقوا في ذلك بحديث جابر الّذي رواه أبو داود (١) وغيره (٢)، قال جابر: "كُنَّا نَبِيعُ سَرَايَانَا وَأُمَّهات أَولَادِنَا عَلَى عَهدِ رَسُولِ الله وأَبِي بَكرٍ، ثُمَّ نَهَانَا عُمَر" وهذا حديثٌ ضعيفٌ لا يُلتفتُ إليه.

تنبيه (٣):

واجتمعَ أبو العباس بن سُرَيْج مع أبي بكر بن دَاوُدَ، فاحْتَجَّ أبو بكر بنُ داودَ على أنّ أمَّ الولَد تباعُ، وقال: أجمَعْنَا على أنّها إذا كانت أَمَةً تُبَاعُ، فمَنِ ادَّعَى أنّ هذا الحُكمَ يزولُ بولادَتِها فعليه الدّليلُ.

قال أبو العبَّاس بن سُرَيْج له: أجمعنا على أنّها إذا كانت حاملًا لا تُباعُ، فمنِ ادَّعَى أنّها تُباعُ إذا انفصلَ الحملُ فعليه الدّليلُ أيضًا. فَبُهِتَ أبو بكرٍ.

بَيدَ أنّ علماءنا أشاروا في ذلك في إثبات هذا الحكمِ بمنَازِعَ من حديث النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، وكلُّها صحيحةٌ، منها:

١ - قولُ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- حين ذكر أشراطَ السَّاعةِ فقال: "أنّ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا" (٤) وفي رواية (٥):"بَعْلَهَا" والبعلُ: هو السَّيِّدُ في لغة العرب، ومعنَى كونه سيِّدًا: أنّها استفادت الحريَّةَ بسببه، ولا يصحُّ أنّ يكون له معنًى سِوَاهُ.

٢ - الثّاني: حديث أبي سعيد الخُدريّ أنّه قال: أَصَبنا سَبَايَا، واشتَدَّت عَلَينَا العُزْبَةُ، وَأَحبَبْنَا الفِدَاءَ فأَرَدْنا أنّ نَعزِلَ، فَقُلنَا: كيفَ نَعْزِلُ والقُرآنُ يَنْزِلُ فِينَا، فَسَأَلنَا رَسُولَ اللهِ عَنْ ذَلِكَ. وذكر الحديث (٦).

فإن قيل: إنّما معنى قوله: "فأَحْبَننَا الفِداءَ؛ لأنّها ما دامت حامِلًا لا تُباع ولا يُفَادَى


(١) في سننه (٣٩٥٤ م).
(٢) كالحاكم: ٢/ ٢٢ وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم"، والبيهقيُّ: ١٠/ ٣٤٧ وغيرهما.
(٣) انظره في القبس: ٣/ ٩٢١ - ٩٢٣.
(٤) أخرجه البخاريُّ (٥٠)، ومسلم (٩) من حديث أبي هريرة.
(٥) هي رواية مسلم.
(٦) أخرجه -مع اختلاف في الألفاظ- البخاريُّ (٢٥٤٢)، ومسلم (١٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>