للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكونُ مُحْظَرًا، ولَعَمرِي إنّه لمتعلِّقٌ، إِلَّا أنّه فاته أنّ يمشِيَ إلى آخر الحديث فَيَظَهَرَ له البَحِيثُ، وهو قولُه: فَقَضَى رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - عَلَى أَربَابِ المَوَاشِي. إلى آخره.

المسألة الثّالثة (١):

قال علماؤنا: إنَّ قولَهُ تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث} الآية (٢)، وقالوا: إنَّ قضاءَ سليمانَ النّبيَّ كان فيه التّفهيمُ، ووقع به التّصويبُ، على مِثلِ قضاءِ النّبيِّ في حديث البَرَاء: "أَنَّ علَى أَهلِ الحَوَائِطِ حِفظَهَا بِالنَّهَارِ، وَأَنَّ مَا أَفسَدَتِ المَوَاشِي بِاللَّيلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِذلِكَ".

فأمّا قصّةُ سليمانَ على الجُملَةِ، فإنّ ما ذَكرَ الله منها مقطوعٌ به، وكيفيّةُ قضاءِ سليمانَ لا تُعلَمُ أَبّدًا؛ لأنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لم يَبلُغنَا عنه فيه شيءٌ، وطريقُ كَعبٍ ومحمّدِ بنِ كعبٍ ووَهبٍ بن مُنَبِّهٍ لا عِلمَ فيها ولا اهتداءَ، وعليهم عَوَّلَ المفسِّرون، فسَوَّدُوا القراطيسّ بما لا تقُومُ به حُجَّةٌ. ويكفينا قولُ النّبيِّ -عليه السّلام- للسُّلوك مَحَجَّةً، ومن أراد الشِّفاءَ من قصّة سليمانَ وحُكمِ دَاوُدَ، فعليه بالكتاب الكبير.

المسألة الرّابعة (٣):

واختلف علماؤنا هل هذا الّذي قَضَى به النّبيُّ في حديث البَرَاء حُكمٌ مبتدأٌ في الشَّرع، أو هو مبنيٌّ على عادةِ النَّاس؟ فإن كان ذلك حُكمًا مبتدأً في الشَّرعِ، فهو كما وَرَدَ. وإن كان مبنيًّا على عادةِ النَّاس، فإنّ أربابَ المواشي بالنَّهار معَها، فهم يتولَّونَ حِفظَها. فعلى هذا إنَّ وُجِدَ خِلَافَ العادةِ بأن يُهمِلُونَها أو يكونوا معها وَيغفُلُوا عنها، فإنّ الضّمانَ واجبٌ عليهم؛ لأنّ محلّ الحُكم قد عُدِمَ حَسَبَ ما رتَّبَهُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -.

ومنَ العلماء من جعل حمامَ الأبراجِ والنَّحْلِ من الضَّوَاري.


(١) انظرها في القبس: ٣/ ٩٣٤ - ٩٣٥.
(٢) الأنبياء: ٧٨.
(٣) انظرها في القبس: ٣/ ٩٣٥، وانظر السّطر الأخير في الموضع: ٣/ ٩٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>