للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتبةُ الثانية (١): معرفة الْمُرْسَل

والمرسلُ ما انقطعَ سَنَدُه (٢)، وهو أنّ يكون في رُواتِه من يروي عمّن لم يره، فيكون مرسلًا لا يصح الاحتجاج به عند الشّافعيّ وعند أهل العراق، وهو مثلُ قولِكَ: مالكٌ، عن نافعٍ، أنّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال كذا، فَهذا سَنَدٌ مقطوعٌ، وهو أنّ يحدِّث العالِمُ عن التّابعيّ، ولا يدرك الصّاحب الَّذي أدركَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -.

واختلف العلماءُ في المَرَاسِلِ من الأحاديثِ؟

فقالت طائفةٌ من أصحابنا (٣): مراسلُ الثِّقاتِ أوْلَى من المُسْنَداتِ، واعتلُّوا بأنّ مَنْ أسندَ ذلك فقد أحالَكَ على البحثِ والنَّظرِ.

ومذهبُ مالكٍ في إِنْفَاذِ الحُكْمِ بخَبَرِ الواحدِ العدْلِ (٤)، وإيجابِ العمَلِ بِمُسْنَدِهِ وَمُرْسَلِهِ ما لم يعترضه العمل في بلده، ولا يُبالي في ذلك مَن خَالفَهُ في سائر الأمصار، كأخذه بحديث التّغليس (٥)، وحديث الْمُصَرَّاة (٦). وقد خالَفَهُ في ذلك بالمدينة وغيرِها جماعةٌ من العلماءِ.


(١) القول في هذه المرتبة منتقى من مواضع مختلفة من التمهيد، وهي على الترتيب التالى: ١/ ٥٣، ٥٧، ٣٠ - ٣١، ٣٣، ٤٤، ٤٥، ٤٦.
(٢) عرّفه المؤلِّف في العارضة: ١٣/ ٣١٠ - ٣١١ بقوله: "والمرسل مختلف فيه، وهو كل حديث أسقط فيه التّابعيُّ ذِكْرَ الصّحابيّ. والصَحيح جواز العمل به، بل وجوبه".
(٣) منهم أبو الفرج المالكي وأبو بكر الأبهري كما نصّ على ذلك ابن عبد البرّ، إلَّا أننا وجدنا العلائي ينصُّ في كتابه جامع التحصيل في أحكام المراسيل: ٩ على أنّ أبا الفرج والأبهري لا يريان فرقًا بين المُرْسَل والمُسْنَد، بل هما سواء في وجوب الحجّة والاستعمال. وانظر البحر المحيط: ٤/ ٤٠٧.
(٤) انظر المقدمة في الأصول لابن القصار: ٦٧.
(٥) الَّذي أخرجه في الموطَّأ (٤) رواية يحيى.
(٦) أخرجه في الموطَّأ (١٩٩٥) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>