للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَاروت أيضًا كذلك من المَرْتِ، والمَرتُ: المفازة الّتي لا ماءً فيها ولا كَلأَ.

قال: وأَمْراتٌ جمعُ مَرتٌ، فكأنَّ هاروت وماروت اشتُقَّ لهما هذان الاسمان من الفصاحة والبيان، ومن الجدوبة وقلّة الخير، ويجوزُ قبلَ أنّ يغضبَ اللهُ عليهما، فلما غضب اللهُ عليهما قلَّ الخيرُ عندهما، وصارا بمنزلة المفازة الّتي لا خيرَ فيها ولا عُشْبَ.

الأصول:

قال علماؤنا (١): في هذا الحديثِ إثباتُ السِّحْرِ وأنّه حقٌّ، أعني بقولي "حقًّا" أنّه موجودٌ، لا أنّه حقّ في ذاته. وحقيقتهُ: تخيّلُ الأعيانِ.

وقد أنكرته المعتزلة والقَدَرِيَّة فقالت: إنّه لا حقيقة له.

قلنا: وقد أَثبَتَهُ الله بأنّه موجودٌ في كتابه، وأخبر به في مواضعَ كثيرة، وحقيقته (٢): أنّه كلامٌ مُؤَلَّفٌ يُعَظَّمُ فيه غير الله، وتُنْسَبُ إليه الأفعالُ والمقاديرُ، ويخلقُ اللهُ عند قول الساحر وفِعْلِهِ في المسحورِ ما شاء من أّمره حسب ما جربتِ العادةُ، فهو كفرٌ حسب ما أخبر اللهُ عنه بقوله: (فَلَا تَكْفُرْ) (٣).

وقال الشّافعيُّ (٤): هو معصيةٌ إنَّ قَتَل به قُتِلَ، وإن ضرب به ضُرِبَ.

قلنا: قد قطعَ اللهُ بقوله حَسَبَ ما أخبرَ به، بقوله: {فَلَا تَكْفُرْ} (٥) فقطعَ معضل الخلاف فيه.


(١) راجع المعلم للمازري: ٣/ ٩٣.
(٢) انظر هذا التعريف في الأحكام: ١/ ٣١، والعارضة: ٦/ ٢٤٦ - ٢٤٧.
(٣) البقرة: ١٠٢.
(٤) في الأم: ١/ ٢٥٦ (ط. النجار)، وانظر الإشراف لابن المنذر: ٢/ ٤٠٧، والحاوي الكبير: ١٣/ ٩٦، والوسيط: ٦/ ٤٠٨.
(٥) البقرة: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>