للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشّيخ (١): وهذا أشبه أنْ يكونَ مذهبَ مالكٍ - رضي الله عنه -؛ لأنه في "مُوَطئِه" لا يفترق بين شيء من ذلك.

قال علماؤنا (٢): هذا حديث مُتَّصِلْ صحيح مُسنَدْ عند جماعة أهل النقل، و"أنَّ" في هذا الموضع محمولةٌ على الاتِّصال حتى يتبيَّنَ الانقطاع" (٣).

وفي روايتهم (٤) عن ابن شهاب في ذلك؛ أنّ الصّلاة التي أخَّرَهَا عُمَرُ هي صلاةُ العصرِ، وهي الصّلاة التي أَخَّرَها الْمُغِيرَة أيضًا. وليس في روايتهم في هذا الحديث أكثر من أنّ جبريل -عليه السلام- صلى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس صلوات في أوقاتهنّ على ما في ظاهر الحديث. وليس في رواية هؤلاء أيضًا ما يدلُّ على أنَّ جبريلَ صلى به مرَّتين، كل صلاةٍ في وقتين، فتكونُ عشر صلوات كما في سائر الأحاديث المرويّة في إمامة جبريل.

وفي حديث مَعْمَر وابن جُرَيْجٍ عن ابنِ شهابِ؛ أنّ النّاس صَلَّوا خَلفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حين صلَّى به جبريل -عليه السلام- (٥).

قال الإمام: والصحيح أنّ جبريل نزلَ من الْغَدِ من ليلةِ الإسراءِ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأقام له وقت الصّلاة على السَّعَة في اليومين، وبذلك جاءتِ الآثارُ الْحِسَانُ المتَّصلةُ في إمامةِ جبريل من حديث ابن عبّاس وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبي سعيد الْخُدريّ (٦).


(١) يحتمل أنّ يكون المقصود هو الشيخ ابن عبد البر؛ لأنّ الكلام منقول من التمهد، ويحتمل أنّ يكون ابن العربي هو المراد؛ لأن العادة جارية عند رواة الكتب ونساخ المخطوطات بمثل هذه التعبيرات.
(٢) المقصود هو الإمام ابن عبد البر في الاستذكار: ١/ ٢٧ (ط. القاهرة).
(٣) تتمة الكلام كلما في الاستذكار: "وقد بأن في هذا الحديث اتِّصالُه لمجالسة بعض رواته بعضًا".
(٤) أي رواية أصحاب ابن شهاب: مَعْمَر بن راشد، واللّيث بن سعد، وسفيان بن عُيَيْنَة، وشعيب بن أبي حمزة، وابن جُرَيْج. وانظر رواياتهم في التمهيد: ٨/ ١٢ - ١٦.
(٥) أخرجه عبد الرّزّاق (٢٠٤٤) ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد: ٨/ ١٣ - ١٤، كما أخرجه أحمد: ٤/ ١٢٠، والطبراني في الكبير: ١٧/ ٢٥٦ (٧١١).
(٦) انظر هذ. الأخبار الحسان في التمهيد: ٨/ ٢٥ وما بعدها، وقد توسع المؤلِّف في شرح الصحيحين في الكلام على حديث إمامة جبريل، وبيَّنَ ما فيه من علوم على اختلاف أنواعها، من حديث وُطُرقِهِ، ولغة وتصريفها، وتوحيد وعقليات، وعبادات وآداب، ونحو ذلك فيما نبف على ثلاثين ورقة. انظر أحكام القرآن: ٣/ ١١٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>