للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّاس فيه (١)، وقيل: إنّه كان كذَّابًا (٢)، وإنه كان يقلب ورقتين ويقرأ (٣).

وأيضًا: فإنّ قوله: "صَلَاة فيه أفضل بخمس وعشرين صلاة" لم تفضل المدينة مكّة بهذا؛ لأنّ الله تعالى لم يجعل الأجر على الأعمال بالأماكن والأزمان، وإنّما جعلها في أيِّ زمان كان، وفي أيِّ موضع تُعُبِّدَ فيه، ألَّا ترى إلى رَجُلَينِ يصلّي أحدهما ركعتين ويصلّي آخر مثلها في مكان واحد فتكتب لهذا عشر حسنات ويعطى الآخر مئة.

ثمّ إنَّ قوله: "بَينَ قَبرِي وَمِنْبَرِي رَوضَةٌ من رِيَاضِ الجَنَّةِ" (٤) وروضةٌ من الجنَّة خير من الدنيا وألف منها، كما قيل: "قِيدُ شِبرٍ في الجنَّة خير من الدّنيا وما فيها" (٥).

قلنا: والصّحيح - والله أعلم- أنّ الفضل ليس للبقعة، وإنّما يخصُّ الله ما يشاء لمن يشاء تَعَبُّدًا منه لخَلْقِهِ، لا إله سواه، فإذا فضّل اللهُ الأعمال، فليس هذا الفضل لفضل الأعمال والأزمان (٦)، ألَّا ترى أنّ الصّلاة أفضل من الصّوم.

ودليل آخر أيضًا: أنّ الإنسان إذا قال: علىَّ أنّ أصلّي، أو قال: أصلّي في


(١) قال أبو حاتم الرّازي: "متروك الحديث"، وقال أبو حاتم ابن حبّان: "كان يدخل على الشيوخ الثّقات ما ليس" من حديثهم، ويقرأ بعض الجزء ويترك البعض ويقول: قد قرأت الكّل".
وقال أحمد بن عدي: "وعامة حديث حبيب موضوع المتن، مقلوب الإسناد، ولا يحتشم حبيب في وضع الحديث على الثّقات، وأَمرُهُ بيِّنٌ في الكذابين".
انظر: المجروحين لابن حبّان: ١/ ٤٦٥، والكامل في الضعفاء: ٢/ ٤١١ - ٤١٤، وتهذيب الكمال:
(٢) قال أبو داود: "كان من أكذب النَّاس" انظر تهذيب الكمال: ٢/ ٤٥.
(٣) قال عبّاس الدُّوري عن يحيى بن معين: "كان حبيب يقرأ بمصر، كان يقرأ على مالك بن أنس، وكان يخطرف بالنّاس، يصفح ورقتين ثلاثة" وقال عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدَّورقيّ: قال يحيى بن معين، أو أبي: أشرُّ السّماع من مالك عرض حبيب، كان يقرأ على مالك، وإذا انتهى إلى آخر القراءة صفح أوراقًا، وكتب "بلغ" وعامة سماع المصريين عرض حبيب". انظر تهذبب الكمال: ٢/ ٤٥.
(٤) سبق تخريجه صفحة: ١٦٤، التتعليق رقم: ٢ من هذا المجلّد.
(٥) روي ضمن حديث طويل بلفظ:، "إنَّ موضع سَوطٍ في الجنَّة ... " عن أبي هريرة عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، أخرجه أحمد: ٢/ ٤٣٨، والدارمي (٢٨٢٣، ٢٨٣١، ٢٨٤١)، والترمذي (٣٠١٣) وقال: "هذا حديث حسن صحيح". وابن ماجه (٤٣٣٥)، والبغوي (٤٣٧٢).
(٦) وفي هذا المعنى يقول العز بن عبد السّلام في كتابه الماتع "قواعد الأحكام": ٧٧ "اعلم أنّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>