للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا سؤالُها طلاقَ مَنْ جَمَعَها معها رجلٌ واحد، فَنَصٌّ لا دليلٌ.

حديث معاوية (١) على المنبر: أَيُّها النّاسُ، إنَّهُ لَا مَانِعَ لما أَعْطَى الله، ولَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ الله، وَلَا يَنفَعُ ذَا الجدِّ منكَ الجَدُّ، مَنْ يُرِدِ الله بهِ خَيْرًا يُفقِّههُ في الدِّين، ثُمَّ قَالَ: سمِعْتُ هؤُلاء الكَلِمَاتِ من رَسُولِ الله عَلَى هَذِهِ الأَعوَادِ.

الإسناد (٢):

هذا حديثٌ صحيحٌ، وإن كان ظاهرُهُ من رواية مالك في "الموطَّأ" الانقطاع (٣)، وظاهرُ حديثِ مالكٍ: أنّ معاوية سمع الحديث كلَّه من النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -.

ورَوَى أهلُ العراق من الطُّرُقِ الصِّحاح أنّ معاوية كتب إلى المغيرة بن شُعْبةَ؛ أنِ اكتب إِلَيَّ بشيءٍ حفِظتَهُ من رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -، قال: فكتب إليه المغيرةُ: إنِّي سمعت رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - يقولُ حين يسلِّمُ من الصّلاة: لا إله إِلَّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، اللَّهُمَّ لا مانِعَ لما أَعطيتَ، ولا مُعطِي لما منعتَ ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ". إلى هاهنا انتهى حديث المغيرة، وفي كثيرٍ من طُرُقِهِ (٤) ليس في شيءٍ منها: "مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيرًا يُفقِههُ في الدِّينِ" فهذه الكلمات هي الّتي سمع معاوية من رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - على أعواد مِنْبَرِهِ.

الغريب (٥):

قوله: "وَلَا يَنفعُ ذَا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ": فالرِّواية عندنا في "الموطَّأ" الجَدُّ. بفتح الجيم. وهو الأغلب عند أهل العلم بضبط الحديث، وهو الّذي فسَّره أبو عُبَيد وغيرُهُ بأنّه الحَظُّ. قال أبو عُبَيْد (٦): "لا ينفعُ ذا الغِنَى غِنَاهُ، وإنّما ينفعه العملُ بطاعتك". واحتجّ


(١) في الموطَّأ (٢٦٢٣) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٨٧٨)، وسويد (٦٤٧)، والقعنبي عند الجوهري (٥٣٢)، وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاريّ في الأدب المفرد (٦٦٦)، وقتيبة بن سعيد عند الفاريابي في القدر (١٨٠)، وابن وهب عند الطحاوي في مُشكل الآثار (١٦٨٤)، وعبد الله بن يوسف التنيسي عند الطبراني في الكبير: ١٩/ (٧٨٢).
(٢) كلامه في الإسناد مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٣) تتمّة الكلام كما في الاستذكار: "فقد رُوي عن مالك من سماع محمّد بن كعب القرظيّ له من معاوية، وروي من غير طريق مالك أيضًا".
(٤) انظر هذه الطرق في التمهيد: ٢٣/ ٧٩ - ٨٠.
(٥) كلامه في الغريب مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٦) في غريب الحديث: ١/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>