للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدِّمة (١):

إنَّ الله سبحانه نهانا عن السَّرَفِ حتّى في التَّرَفِ، وأمر بالقصد في كلِّ معنى، وخلَق الآدميَّ محتاجًا إلى الطّعام والشَّراب، وركَّبَ فيه الشهوة الدَّاعية إلى استعمالها، ونوّعهما إلى سرف وترف، وإلى قصد وإلى قُوْتٍ، ونَهَى عن الأوّل وأمر بالثّاني، وصرف النّهي كيف شاء، كلُّ تلك بحكمة منه بالغة، وأرجأ الشَّبع لما قدَّم من ذلك في الدُّنيا لأهل الدِّين إلى الآخرة، وإنّما قدّمه عنوانًا لهم وترغيبًا فيما أعدَّهُ لهم.

المعاني (٢):

وقد اختلف العلماء فيه من الصّحابة والتّابعين والفقهاء، وأطلقوا القول في ذكر الخلاف فيه. وعوَّل مالك في "الموطَّأ" على دقيقةٍ (٣) وهي أنّ عبد الله بن الزُّبير لبسه مع أنَّه كان يرى الحرير حرامًا على النّساء (٤)، فدلَّ على إباحته. * والنَّكتة المعنويَّة في ذلك: أنّ الحرير حرام، والصوف والكتَّان حلال *، فإذا مُزِجَا جاء منهما نوع لا يسمَّى حريرًا، فلا الاسم يتناوله، ولا السَّرف ولا الخيلاء يدخله، فخرج عن النَّوع اسمًا ومعنًى، فجاز على الأصل ذكره على الشّبهة (٥).

الثّانية (٦):

وقد تكلّم النّاسُ في الحكمةِ الّتي نَهَى عن لبس الحرير لأجلها:


(١) انظرها في العارضة: ٧/ ٢١٩.
(٢) انظر هذه المعاني في العارضة: ٧/ ٢٢٣.
(٣) وهي المسألة الأولى.
(٤) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: ١٤/ ٢٤١ "أجمع العلماء على أنّ لباس الحرير للنساء حلالٌ، وأجمعوا أنّ النّهي عن لباس الحرير إنّما خُوطِبَ به الرجال دون النِّساء"، وانظر المعلم: ٣/ ٧٤.
(٥) انظر البيان والتحصيل: ١٧/ ٦.
(٦) انظرها في العارضة: ٧/ ٢١٩ - ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>