للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّلام قال: "اختَتَنَ إبراهيمُ (١) وهو ابن عشرين ومئة سنة، ثمّ عاش بعد ذلك ثمانين سنة" (٢) وهذا الحديث هو أوّل الباب عند القَعْنَبِيِّ.

ورُوِيَ أنّ إبراهيمٍ اختتن بالقَدُّوم (٣)، وهو موضع، ويُخَفَّف فيقال: القَدُومُ، قال ابن الفراء: القَدُومُ -مخفَّفٌ- هي القَدُومُ المعروفة.

وقيل: إنَّ اختتانه من الكلمات الّتي ابتلاه الله بها. وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وهذا الحديث حجّة لمن أمر الشّيخ الكبير يُسْلِم بالاختتان.

المسألة الثّالثة:

قوله: "وأوَّلُ النَّاس قصَّ شَاربَهُ" قال مالك (٤): يؤخذُ من الشّاربِ حتّى يبدو طَرفُ الشَّفَةِ، وهر الإطارُ، ولا يَجُزُّهُ فَيُمَثِّلُ بنفسه.

المسألة الرّابعة (٥):

قولُه: "وأوَّلُ الناسِ رأَى الشَّيْبَ ... " الحديث.

يحتمل -والله أعلم- أنَّه لم يكن قبله شيبٌ حتّى رآه إبراهيم -عليه السّلام- أوّل من رآه.

ويحتمل أنّ يكون الشَّيْبُ معتادًا على حسب ما هو اليوم، ولكن كان إبراهيم أوّل من قال هذا، وسأل عنه عند رؤيته.

والأوّل أظهر؛ لأنّه لو كان الشَّيب معتادًا قد رآه إبراهيم بجميع النَّاس قبله ما أنكره، ولا قال: يا ربّ، ما هذا؟ ولو سأل عن وقوعه به مع معرفته بمعناه كما رآه بغيره، لم يفسِّره له بأنّه وقَارٌ، ولقيل له: هو الشَّيْبُ الّذي رأيته لمن بلغ سنَّكَ، ولكان


(١) في الاستذكار وغيره: "إبراهيم بالقدوم".
(٢) أخرجه ابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٣/ ١٣٨ - ١٣٩، من طريق الأوزاعي، وأشار إليها الدارقطني في العلّل: ٧/ ٢٨١. ورواه من طريق ابن جريج عن ابن سعيد ابنُ حبّان (٦٢٠٤). ومن طريق حماد بن يزيد البخاريّ في الأدب المفرد (١٢٥٠)، وانظر باقي الروايات في التمهيد: ٢٣/ ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٣) أخرجها البخاريّ (٣٣٥٦)، ومسلم (٢٣٧٠) من حديث أبي هريرة.
(٤) في الموطَّأ (٢٦٦٩) رواية يحيى.
(٥) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>