للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديَهُم حتّى يحكُمَ فيهم {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ} الآية (١).

الفائدةُ الثّانية (٢):

فيه من السُّنَّةِ: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لَمَّا غَلَبَتْهُ الحاجةُ خرجَ لِيَسْتَطْعِمَ، كما فعَلَ أخوه موسى مع الخِضْر عليهم السّلام، حين أَتَيَا أهلَ قريةٍ اسْتَطْعَمَا أهلَها.

ورأى الصّوفيّةُ الصّبرَ على القضاءِ حتّى يأتيَ الرّزقُ، وقد جرّبوا ذلك فوجَدُوه، وجاءهم كما أرادُوه؛ لأنّهم أضيافُ الله فلا يعجزهم شيءٌ.

وقيل لبعضهم - وقد حضَّ على التّفويضِ والتوكُّلِ، وَنَهَى أنّ يتعرَّضَ أحدٌ للطّلب، أو يُعْلِمَ بَشَرًا بالحاجة -: فادْخُل في بيتٍ، واطْمسْ عليك البابَ، وافْتَح في أعلاه كَوَّةً حتّى ترى إنَّ نزل عليك منها رِزْقٌ؟ قال: قد واللهِ فعلتُ ذلك سبعةَ أشهُرٍ، والتجربةُ تَقَعُ في ثلاثةِ أيّامٍ.

قال الإمام: وهذا الّذي قالوه حقٌّ في دِينِ الله، وفي بَرِيَّتِهِ وحكمته، ولكنّها منزلةٌ رفيعةٌ لا تتأَتَّى لكلِّ أحدٍ، وقد كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - أحقَّ الخَلْقِ بها، وأقدَرَهُم عليها وأولَاهُم، لرفيع منزلته بها، وكذلك موسى، ولكنّ أراد الله أنّ يهدي الخَلْقَ بهم، وُيبَيِّن السُّنَّة بهم؛ لَمَا علِمَ من ضَعْفِ توكُّلِهِم وقلَّة صبرِهِم.

الفائدةُ الثّالثة (٣):

والخروج عند الحاجة يكونُ على وجهين:


(١) "الأنفال: ٤٢.
(٢) انظرها في القبس: ٣/ ١١١٩.
(٣) انظرها في القبس: ٣/ ١١١٩ - ١١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>