للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكتةٌ (١):

وقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "فذهبوا إلى أبي الهَيْثَمِ" يقتضي أنّهم ذهبوا إليه ليُطعِمَهُمْ ما يسدُّ جوعَهُم، فدلَّ ذلك على جوازِ قصْدِ المؤمنِ إلى صديقِهِ الّذي يَعْلَمُ سرورَهُ به ومبادَرَتِهِ إلى مشارَكَتِهِ عندَ الحاجةِ إلى ذلك، وليس فيه أنّهم ذكروا له جوعَهُم، فكان ذلك من التّعريض المعروف يُجْرِيهِ الله على يَدِهِ.

وفي هذا الحديث ما كان عليه القومُ في أوّل الإسلام من ضِيقِ الحالِ وشَظَفِ العيشِ، وما زال الأنبياءُ والصّالحون يجوعون مرّةً ويَشْبَعُوَن أخرى.

حديث مالك (٢)؛ عن عبد الله بن دِينَارٍ؛ عن عبد الله بنِ عمرَ؛ أنّه قال: سُئِلَ عمر بن الخطابِ عن الجرادِ، فقال: وَددْتُ أنّ عندي قَفْعَةٌ نأكلُ منه.

عربيّة:

قوله: "قَفْعَة" وهي عندهم ظرفٌ يُعْمَلُ من الحَلْفاءِ وشِبْهِها، مستطيلٌ (٣)، شبيةٌ بالْمِكْتَلِ (٤)، فتمنّى عُمَرُ بهَا مملوءَةً من جرادٍ.

وقيل (٥): هي قُفُّةٌ أكبرُ من المِكْتَلِ، وأهلُ العراق يُسَمُّونَها جُلَّةً، وقال ابنُ مُزَيْنٍ: وأهلُ مصرَ يسمُّونَها زِنْبِيلًا.

أحكامه:

وسأل السّائلُ عمرَ عن الجراد: يريدُ أنّ السّائلَ سأَلَهُ أحلالٌ أَكْلُه أم لا، فكان على


(١) الفقرة الأُولى من هذه النّكتة مقتبسة من المنتقى: ٧/ ٢٤٦ - ٢٤٧، والفقرة الثّانية مقتبسة من الاستذكار: ٢٦/ ٣٢٧.
(٢) في الموطَّأ (٢٦٩٦) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (١٩٦١)، وسويد (٧٠٧).
(٣) الشّرح السّابق مقتبس من الاستذكار: ٢٦/ ٣٣٣، والذي يليه مقتبس من المنتقى: ٧/ ٢٤٩.
يقول عبد الملك بن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة ١٥٣ [٢/ ١٤٠] "القفعة عندهم [يعني أهل الحجاز] هي الّتي تسمَّى عندنا [يعني أهل الأندلس] القُفَّة".
(٤) وهو الزنبيل الّذي يُعمل من ورق النّخل.
(٥) القائل هو محمّد بن عيسى الأعشى، كلما صرح به الباجي في المنتقى: ٧/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>