للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جابر عن النّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "حتّى إذا قَعَدَ اسْتَقَرَّ فِيهَا".

وأمّا "حديثُ علىِّ" قال (١): عادَ أبو موسى الحسن بن عليّ - وكان شاكيًا - فقال (٢) له: أعائدًا جئتَ أم شامتًا؟ قال: بل عائدًا. فقال علىٌّ: أمّا إذا جئتَ عائدًا، فإنّي سمعتُ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول: "إذَا عَادَ الرَّجُلُ أخاهُ المُسْلِمَ مَشَى في مَخْرَفَةِ الجَنَّة حتّى يجلس، فإذا جلسَ غَمَرَتْه الرَّحمةُ، فإن كانَ غدْوَةً صلّى عليه سبعونَ ألفَ مَلَكٍ حتّى يُمْسِي، وإن كان مساءً صلَّى عليه سبعون أَلْفَ مَلَكٍ حتّى يُصْبِحَ" (٣). وهذا حديثٌ ثابتٌ، صحيحُ المتن والإسناد، شريف المعنى.

المعاني والأصول (٤):

أمّا قوله: "عَائِد المَرِيض يخوضُ في الرّحمة" فهو كقوله: "في خُرْفَةِ الجَنَّةِ" وذلك أنّ عيادةَ المريضِ والمَشْيَ إليه سببٌ إلى الجنّة، فعبَّرَ عن المُسَبَّبِ بالسَّبَبِ على أحدِ قسْمَي المجازِ، ترغيبًا في العيادة، لمَا فيها من الأُلْفَةِ، ولِمَا يدخُلُ على المريضِ من الأُنْسِ بعائِدِهِ والسّكونِ إلى كلامِهِ، ولذلك قال رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم -:"إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى المريضِ فَنَفِّسُوا في أَجَلِهِ؛ فإنَّ ذلك لا يَرُدُّ القَدَر، وَيُطَيِّبُ نَفْسَهُ" (٥)، ولو


(١) القائل هو عبد الرّحمن بن أبي ليلى.
(٢) القائل هو عليّ.
(٣) أخرجه أحمد: ١/ ٨١، وابن أبي الدنيا في الكفارات (٨٩)، وأبو يعلى (٢٦٢)، وابن عبد البرّ في التمهيد: ٢٤/ ٢٧٥، والاستذكار: ٢٧/ ٥١ - ٥٢، والضياء في الأحاديث المختارة (٦٣٧) وقال: "إسناد صحيح".
(٤) انظر كلامه في المعاني والأصول في القبس: ٣/ ١١٣٢ - ١١٣٣.
(٥) أخرجه ابن ماجه (١٤٣٨)، والتّرمذيّ (٢٠٨٧) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال التّرمذيّ: "هذا حديث غريب".

<<  <  ج: ص:  >  >>