للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه حديث ابن عبّاس: "مَنْ لَزِمَ الْبَادِيَةَ جَفا" (١).

وقال الأخفش (٢): الفدَّادون هم الأعراب، وأصل الفديد رفعُ الصّوتِ والجَلَبَةُ؛ وذلك أنّ أصحاب الإبل من شأنّهم رفع الصّوت إذا عملوا العمل وإذا مَشَوا.

الثّالثة (٣):

قوله: "وَالسَّكِينَةُ في أَهلِ الغَنَمِ " فالسَّكينةُ مأخوذةٌ: من السُّكون والوَقَارِ. والسَّكينةُ اسمٌ يُمْدَحُ به ويُذّمُّ بضدِّه، وقد قال - صلّى الله عليه وسلم -: "إذا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا تَأتُوهَا وَأنتُم تَسعَونَ، وَأتُوهَا وَعَلَيكُمُ السَّكِينةُ (٤) والوَقَارُ" (٥) قال الأخفش (٦): وذلك أنّ أهل الغنم عملهم هيِّنٌ ليس فيه مؤنة.

حديث أبي سعيد الخُدري (٧)؛ أنّه قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ أنّ يَكُون خَيرُ مَالِ المسلِمِ غَنَمًا يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتنِ".

الإسناد:

قال الإمام: الحديث صحيح، خرجه الأيمّة، لا كلام فيه ولا مدفع.

عربيّة (٨):

قوله: "شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ" يريد رؤوس الجبال وأعاليها، واحدتها شَعَفَة.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٢٩٥٧)، وأحمد: ١/ ٣٥٧، والبخاري في الكُنَى (٦٤٩)، وأبو داود (٢٨٥٩ع)، والترمذي (٢٢٥٦) وقال: "هذا حديث حسنٌ غريبٌ"، والنسائي في الكبرى (٤٨٢١)، وأبو نعيم في الحلية: ٤/ ٧٢، والذّهبي في سير أعلام النبلاء: ٤/ ٥٥٢ وقال: "أبو موسي [اليماني]: مجهول"، وانظر ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين للسيوطي: ٣١.
(٢) في غريب الموطَّأ" نسخة صائب بأنقرة وهي غير مرقمة.
(٣) هذه الفائدةُ مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٢٠٥.
(٤) أخرجه مسلم (٦٠٢، ٦٠٣) عن أبي هريرة.
(٥) لفظ "الوقار" لم يردّ في الاستذكار ولا في مسلم، ولكنه ورد في رواية البخاريّ (٦٣٦) بلفظ: "إذا سمعتم الإقامة ... عليكم بالسكينة والوقار".
(٦) قول الاخفش من إضافات المؤلِّف على كلام ابن عبد البرّ، وهو ثابت في شرحه لغريب الموطَّأ.
(٧) في الموطَّأ (٢٧٨١) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مُصْعَب (٢٠٤٣)، وسُوَيْد (٢/ ٧٣٩)، وابن القاسم (٣٩٣)، والقعنبي عند الجوهري (٥٩٢)، وإسحاق بن عيسى الطباع عند أحمد: ٣/ ٤٣، وابن أبي أويس عند البخاريّ (٣٣٠٠)، والتيسي عند البخاريّ أيضْا (٧٠٨٨)، ومَعْن عند النسائي: ٨/ ١٢٣.
(٨) كلامه في العربيّة هو المسألة الأولى، والفقرة الأولى منه مقتبسة من الاستذكار: ٢٧/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>