للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث صحيح.

المعاني والفوائد:

قولُه: "اليدُ العليا خيرٌ من اليد السُّفلى" هذه المسألة مما اختلف النّاس فيها على ثلاثة أقوال (١):

القول الأوَّل: منهم من قال: اليدُ العليا يد المعطي للصّدقة.

والثّاني: منهم من قال: هي يد الآخِذِ، وفي الحديث معقِّبًا به: "اليدُ العليا المُنْفِقَةُ والسُّفلى السَّائِلةُ" وقد روى أبو داود (٢) عن مالك بن نَضْلَة؛ قال: قال رسولُ الله: "الأيَدِي ثلاثةٌ: فَيَدُ اللهِ العليا، وَيَدُ المُعطِي التي تَلِيهَا، ويدُ السائلِ السُّفْلَى، فَأَعْطِ الفَضْلَ ولا تعجِز عن نفسك". وهذا هو القولُ الثّالث.

والقول الرّابع: ما رواه -أيضًا- أبو داود (٣) فيه بدل "المُنفِقَة": "المُتَعَفِّفَة".

تنقيح (٤):

فإن قلنا: إنّ اليد العليا يد المعطي، فلأنّها نائبة عن الله، إذ هو خازنه ووكيله

في الإعطاء، فأخذها منه فكأنّه يأخذها من يد الله عزَّ وجلَّ.

وقد قيل: اليد العليا يد السّائل (٥) لقوله: "إنَّ الصَّدَقَةَ لتقعُ في كفِّ الرَّحمنِ قَبلَ أن تقعَ في يَدِ السّائل" والتّحقيق فيه: أنّ الله عزَّ وجلَّ عبّر باليد العليا عن يده المُعطِية، إذ هو يأمره، وعبّر عن يد السائل بالسُّفلى لأنه هو الذى يقبل الصّدقات، وكلتاهما يد الله، "وكلتا يَدَيه يمين" (٦)، وعليا. فلذلك كان الأقوى أن تكون اليد العليا يد المُعطِي، ويبقى قوله: "اليد السُّفلى" على ظاهره؟ لأنها تتقبّلها، فكانت كالّذي يؤخذ بالكَفِّ ويقعُ في


(١) انظرها في العارضة: ٢/ ١٥٦ - ١٥٧.
(٢) في سننه (١٦٤٦).
(٣) الحديث (١٦٤٥).
(٤) انظره في العارضة: ٢/ ١٥٧.
(٥) أخرجه الطبراني في الكبير (٤٨٩١) عن ابن مسعود.
(٦) أخرجه مسلم (١٨٢٧) من حديث عبد الله بن عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>