للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلِّف - رحمه الله -: قد مَضَى القولُ في فوائد هذا الحديث، وبَقِيَ الكلامُ

في إثبات الجنِّ والشّياطين في قوله (١): "إِنَّ هَذَا وَادٍ به شيطانٌ".

الفائدة الرابعة عشر (٢): في الكلام في النَّفس والرُّوحِ في قوله: "إنّ الله قبض أرواحنا" الحديث

قال الإمامُ الحافظُ: قولُه -عليه السلام-: "هذَا وَادٍ بِهِ شيطانٌ" نصٌّ في وجودِ الشّياطينِ، (*) ولا خِلاَفَ فيه بين أهلِ السُّنَّةِ، وهم نوعٌ من الخَلْقِ خَلَقَهُم الله تعالى ويَسَّرَ لهم التبدُّل (*) في الصُّوَرِ باختيارهم، كما يسَّرَ لنا التَّصرفَ في الحركاتِ. وسلَّطَهُمُ اللهُ تعالى على الخَلْقِ تسليطًا سبق به الوعدُ الحقُّ، ليتميَّزَ المطيعُ من العاصي بِفِتْنَتِه، كما يتميَّز عند الله تعالى في عِلْمِهِ وكَلِمَتِهِ، فسلّطَهُ على بلالٍ حتّى أضجَعَهُ وشغَلَه عنِ ارتقابِ الصّلاة حتّى فاتت لرسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - وظنَّ الشيطانُ أنّه قد حصَلَ على صَفْقَةٍ، فهيَّأَ اللهُ لنا فيها سُنَّةَ كلِّ من نام عن الصّلاة أو نَسِيَهَا. وكملت لنا فيها المثُوبَةَ. وهكذا يفعلُ اللهُ بالأولياءِ إذا طالَبَهُم الأعداءُ، لِيُنْفِذَ مُرادهُ فيهم، ولكن يُعْقِبُهُم بعدَ ذلك عُقْبَى جميلةً، حتّى يتبيَّن للعدُوِّ أنّه لم يكن ما أرادَ فيهم.

مزيد إيضاح:

قال: وقوله: "هذَا وَادٍ بهِ شَيْطَانٌ" قال بعض علمائنا: هذا خصوصٌ لذلك الوادي، ومعنى الكلام في ذلك: أنّ في هذا الوادي شيطانًا نَوَّمَنَا عن صلاتِنَا حتّى خَرَجَ وقتُها، فلا تجوزُ الصّلاةُ فيه.

وقال غيرُه: والصّلاةُ في الأودية مباحةٌ إلَّا في ذلك الوادي، لتركِ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - الصّلاة في ذلك الوادي. فإذا أصابَ المسافرُ مثل ما أصابَ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - وأصحابه، فينبغي له الخروج من


(١) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطأ (٢٦) رواية يحيى ورواه عن مالكٌ: القعنبيّ (١٩)، وسويد (٢٦)، والزهري (٣٠).
(٢) انظرها في القبس: ١/ ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>