للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو شهادةٌ غاليةٌ تُوصلُ إلى رِضَى ربِّ العالَميِن" (١).

كما أنّ الإمام أبا الوليد الباجيّ هَالَهُ ما شاهَدَهُ من أوضاع المسلمين وتفرُّق شملهم فـ"رفع صوته بالاحتساب، ومشى بين ملوك أهل الجزيرة بصِلَةِ ما انْبَتَّ من تلك الأسباب، فقامَ مَقَامَ مؤمن آل فِرْعَون، لو صادف أسماعًا واعية، بل نفَخَ في عِظام نَخِرَة، وعَكَفَ على أطلالٍ داثرةٍ، بَيْدَ أنّه كلّما وَفَدَ على مَلِكٍ منهم في ظاهر أمْرِه، لَقِيَهُ بالتّرحيب، وأجْزَلَ حَظَّه بالتّأنيس والتَّقريب، وهو في الباطن يستجهلُ نَزْعَته، ويستثقل طَلْعَته، وما كان أفطن الفقيه -رحمه الله- بأمورهم، وأعلمه بتدبيرهم، لكنّه كان يرجوا حالًا تثوبُ، ومُذنِبًا يتوبُ" (٢).

ولكن رغم هذا التّمزُّق في الكيان السياسيّ للأندلس في عصر ملوك الطَّوائف، فإنّ هناك حقيقة هامّة ترتبط بهؤلاء الملوك، وهي أن تعدُّد بَلاَطاتِهم، واختلاف مُيُولهم العلميّة والأدبيّة، كان له الأثر الكبير في النّشاط المعرفي في العلوم المختلفة، فتَوَفَّرَ البعضُ على الإبداع في الدِّراسات اللُّغوية، والبعض الآخر في الأدب والشِّعْر، وآخَرون في العلوم البحتة، إلى ما هنالك


(١) انظر الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية لمؤلِّف مجهول: ٣٦ - ٣٧ [عن الحياة العلمية في عصر ملوك الطَّوائف في الأندلس لسعد البشري:١٠١، ط. مركز فيصل للبحوث، الرياض، ١٤١٤ هـ].
(٢) الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم: ٢ الجزء: ١، صفحة: ٩٥ - ٩٦ [دار الثقافة، بيروت، ١٩٧٩ م].

<<  <  ج: ص:  >  >>