للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولُه (١):"فَغَسلَ يَدَيْه مرَّتَيْن" دليلٌ على أنّ الغسلَ للعبادة دون النّجاسة؛ لأنّ غسل النّجاسة لا يعتبر فيه العدد (٢). والعددُ المشروع في ذلك اثنان وثلاثة، للحديث".

مزيد إيضاح:

قال الإمام الحافظ - رضي الله عنه -: اختلف علماؤنا في غَسْلِهما، هل غَسْلُهما عبادة كالوضوء؟ أم هَي باقية على معقول معانيها فتكون كغسل النجاسة؟ على ثلاثة أقوال:

١ - القول الأوّل - قال أشهب: هي جاريةٌ مَجْرَى العبادة؛ لأنّه رأى محافظة النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في الفعل قائمًا من النّوم وغير ذلك.

٢ - وأبقاها ابنُ القاسم على أصلها.

٣ - والصّحيح أنّه حُكْمٌ لم ينقل عن أصله إلى غيره، بخلاف الحدَث، إلَّا أنّها نجاسةٌ مظنونةٌ غير محقَّقة، فكان الغسل لها استحبابًا، وهو مذهبُ مالكٌ - رضي الله عنه (٣) -.

وأمّا حديثُ عبد الله بن زيد: "فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَينِ" ليس يقتضي الإفراد لكلِّ يدٍ- والله أعلم-، وإنّما هو عبارة عن فعل الجمع مرَّتين.

شرح:

قوله (٤): "ثُمَّ مَضمَضَ" المضمضةُ ليست بواجبة عند مالكٌ في الطّهارة الصُّغْرَى (٥)، وبه قال أبو حنيفة (٦)، والشّافعيّ (٧).


(١) في حديث الموطَّأ (٣٢) رواية يحيى.
(٢) تتمة الكلام كما في المنتقي: " ... وإنّما يعتبر العدد فيما يغسل عبادة، كأعضاء الوضوء".
(٣) انظر عيون الأدلة: ١٣/ أ، والإشراف: ١/ ١١٦ (ط. ابن حزم)، إلّا أنّ المؤلّف في العارضة: ١/ ٤٢ رجّح الوجوب، فقال: "والصحيح وجوب الغسل من طريق الأثر والنّظر، وذلك أنّه قال في الحديث: "فإن أحدكم لا يدري أين باتت [يده] " فعلَّلَ بذلك، كما علّل في وجوب الوضوء من النّوم: "فإذا نامت العينان استطلق الوكاء" وكما يوجبُ النّوم الوضوء، كذلك يوجب غسل اليد، هذا إذا لم يكن استجى بالماء".
(٤) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: ١/ ٣٥.
(٥) انظر الرسالة: ٩٣، والتفريع: ١/ ١٩١، والإشراف: ١/ ١١٧ (ط. ابن حزم).
(٦) انظر مختصر اختلاف العلماء: ١/ ١٣٥.
(٧) في الأم: ١/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>