للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكملة:

قولُه: "الطّهورُ ماؤه والحلُّ مَيتَتُه".

اعلموا أنّه لم يرد في المصنَّفاتِ لفظة "الطَّهور" إلّا في "الموطَّأ" وفي "كتاب مسلم" فقط (١). فأما مالكٌ - رحمه الله - فإنّه ترجم به فقال (٢): "الطّهور للوضوء" وكان من حقِّه وبيانه أنّ يقول: الماء الطّاهر للوضوء.

وأما مسلم - رحمه الله - فإنّه ساق في كتاب الطهارة فقال: "الطّهورُ شَطرُ الإيمانِ ... " الحديث (٣)، أعني بالألف؛ لأنّ البخاريّ قال أيضًا: "لا يقبلُ اللهُ صلاةً بغيرِ طَهُورٍ" (٤) وأمّا أنّ يذكر مصنِّفٌ الطَّهورَ بالألفِ واللّام فلا يوجد إلَّا في "الموطَّأ" وفي "كتاب مسلم" في قوله: "الطّهورُ شطرُ الإيمانِ".

ويحتمل (٥) ذلك وجهين:

أحدهما: أنّ يكون المراد بقوله: "شَطرُ الإيمَانِ" أي أنّه ينتهي تضعيف الأجْر فيه إلى نصف أجر الإيمان من غير تضعيفٍ، وهذا كأحد التّأويلات في قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ قُل هوَ اللهُ أَحَد تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآنِ" (٦) كما بينّاه في باب "ذِكرِ الله والدّعاء".

والوجهُ الثّاني: هو أنّ يكون "شَطرُ الإيمان" أنّ الإيمان يَجُبُّ ما قَبلَه من الآثام، وقد أخبرَ النبيُّ عليه السّلام أنّ الوضوءَ يُذهِبُ عن الإنسان الخطايا، إلَّا أنَّه قد قام الدّليل أنّ الوضوء لا يصحّ الانتفاع به إلَّا مع مُصَاقَبَةِ الإيمان له، فكأنّه لم يخصّ به


(١) علّق بعض القراء في هامش نسخة: م بقوله: "قوله: لم يرد في المصنفات ... عجيب، فقد رواه الترمذي وابن ماجه من طريق مالكٌ بلفظه بعينه".
(٢) في الموطَّأ: ١/ ٥٥ الباب (١١).
(٣) رقم (٢٢٢) عن أبي مالكٌ الأشعري.
(٤) في كتاب الوضوء (٤) باب لا تُقْبَلُ صلاةٌ بغير طَهُورٍ (٢).
(٥) من هنا إلى آخر هذه التكملة مقتبس من المعلم بفائد مسلم: ١/ ٢٣٢.
(٦) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٥٥٩) رواية يحيى.

<<  <  ج: ص:  >  >>