للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أنّ يكون ابنُ عمر نَسِيَ حين توضَّأَ، فذَكَر ذلك حين دُعِيَ للجنازة.

ويحتمل أنّ يكون ابنُ عمر كان يرى أنّ غسل الأعضاء على الفور في الوضوء ليس من الواجب، ومالك يرى الفَورَ في الوُضوء سُنَّة واجبة. ومن ترك ذلك عامدًا استأنف الوضوء، ومن ترك ذلك ناسيًا، فإن كان بحضرة الماء غسل ما نسِيَ وما بعدَهُ استحبابًا ليأتي بالرُّتبة في الفور. وإن لم يكن بحضرة الوَضُوء غسل الّذي نَسِيَ فقط، ولا غسل عليه لما بعده؛ لأنّه لا يقدر أنّ يأتي بجميع الوضوء في الفَوْر. إلَّا أنّ يبتدىء جميع الوضوء، وهذا لا يجب على النّاسي؛ لأنّ الرُّتبة في الوضوء عند مالك ليست بفرضٍ، ولو كانت الرّتبة عنده فرضا لوجب على المتوضِّيء إذا نَسِيَ من فرضه شيئًا وذكر ذلك بعد أنّ تطاول أنّ يبتدىء الوضوء من أوَّله، كما يجب في الصّلاة إذا نسي من فرضها شيئًا وذكر ذلك بعد أنّ تطاول.

وذكر ابنُ حبيب (١) عن مالكٌ أنّه فَرَّقَ بين ما يغسل وبين ما يمسح فقال: إذا نَسِيَ ممّا يغسل شيئًا فلم يذكر ذلك حتّى تطاوَلَ، فإنه يبتدىء الوضوءَ من أوَّله، وإذا نَسِيَ مسحَ رأسه فإنّه يمسح برأسه فقط.

قال الإمام الحافظ: وهذا الّذي حكاهُ ابن حبيب ليس بالقويّ؛ لأنّه لا فَرقَ بين ما يغسل وبين ما يمسح (٢)، إلَّا أن يخصّ ذلك ما يجب به التّسليم من نصِّ أو إجماعٍ، وهما لا يوجَدَان في هذه المسألة.

العملُ في المسحِ على الْخُفَّيْن

قال الإمام الحافظ: انظروا فِقه مالك - رحمه الله - كيف ساقَ الأثرَ، ثمّ بَيَّنَ كيفية

العمل، وقد قيَّدنا في هذا الباب عن أشياخنا ممّا يحتاج إليه ولا بدّ منه عشر مسائل:


(١) في الواضحة: ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) لأنّ ذلك كلّه فرضٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>