للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مُطَرِّف: يمسح عليهما، وبه قال أبو حنيفة.

قال الإمام الحافظ (١): ووجه الرِّواية الأولى: أنّ كلَّ ما كانتِ الطّهارةُ شرطًا في صِحَّتِهِ وجبَ أنّ يَتَقَدَّم على جميعه كالصّلاة.

ووجه الرواية الأخرى: أنّه حَدَثٌ وردَ على طُهرٍ كاملٍ فأشبه إذا ابتداء اللّبس بعد غسل القَدَمَين.

ما جاء في الرُّعاف

قال الإمام الحافظ (٢): أخذ مالكٌ بفِعلِ ابنِ عمر بالبناء في الرُّعَاف (٣)، ولم يأخذ بفِعلِهِ في الوضوء (٤)، وليس الوُضوء ممّا يلزَمُ الرَّاعفَ.

وفي فعل ابنِ عمرَ إجازة العمل اليسير في الصّلاة إذا كان من مصلحة الصّلاة، والوُضوء من مصلحة الصّلاة؛ فلذلك استحقَّهُ ابن عمر وابن المسيِّب.

وقد زعم بعضُ العلماء أنّ وُضوءَ ابن عمر إنّما كان غسلُ الدَّم فقط؛ لأنّ العرب تسمِّي غسل الأذى وضوءًا، وهذا التّأويل حَسَنٌ، لولا أنّ مالكًا حَمَلَهُ على أنّ ابنَ عمر أكمل الوضوء فقال في "السَّمَاع": "إنّما هذا من ابن عمر على وجه التَّوَقِّي" أو نحو هذا الكلام، فلولا مخالفة مالك لكان هذا التّأويل حَسَنًا.

نكتةٌ لُغَويَّة:

قال: الرُّعَاف هو دمٌ يخرج بسرعة؛ لأنَّ أصل الرُّعَاف السُّرعة، يقال منه رَعَف، بفتح الراء والعين، ولا يقال رَعِف بكسر العين (٥).


(١) الكلام موصول للإمام الباجي.
(٢) من هنا إلى بداية النكتة اللغوية مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: ٩/ أ.
(٣) أخرجه مالك في الموطَّأ (٨٨) رواية يحيى.
(٤) تتمة الكلام كما في تفسير الموطَّأ: "وهذا من توقِّي ابن عمر واحتياطه".
(٥) انظر الاقتضاب لليفرني: ١/ ٦٤ - ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>