للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل في غُسْلِ الْجَنَابَة

حدّثني يحيى (١) عن مالكٌ، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم -كان إذا اغتسلَ مِنَ الجنابة، بدأَ فَغَسلَ يَدَيْهِ، ثم توضَّأ كما يتوضَّأُ للصّلاة، ثم يُدخِلُ أصابِعَهُ في الماءِ، فَيُخَلِّلُ بها أُصولَ شَعرِهِ، ثمَّ يَصُبُّ الماءَ على رَأْسِهِ ثلاثَ غَرفَاتٍ بيَدَيهِ، ثمَّ يُفِيضُ الماءَ على جِلْدِهِ كلِّه.

قال الإمام الحافظ: أنا حديث عائشة في صفة غسل النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - فذكره أبو داود (٢)

بإسناده.

وقولُها: "يَصُبُّ على رأسهِ ثلاثَ غَرفَاتٍ" والعدد في ذلك استحباب، وما أَسْبَغَ وعَمَّ وبالغ في ذلك أجزأه (٣). وأمّا الوضوءُ بعد الغسل، فلا معنى له عند العلماء. ولم (٤) تذكر عائشة في هذا الحديث التَّدَلُّك، إذ فيه دليلُه بقولها: "كان إذا اغْتَسَلَ" والاغتسالُ لا يكون إلَّا بالتَّدَلُّكِ (٥).

إبضاح مشكل (٦):

قولُها: "ثمَّ يُدخلُ أصَابِعَهُ في الماءِ فَيُخَلِّلُ بها أصولَ شَعْرِهِ" فقيل: معنى التّخليل: ليقلّ صبّ الماء بعد ذلك في الغسل، فيكون ذلك أبلغُ مع قلَّة صبِّ الماء؛


(١) في موطئه (١٠٩).
(٢) في سننه (٢٤٢).
(٣) الشرح السابق مقتبسٌ من شرح البخاريّ لابن بطّال: ١/ ٣٧٣.
(٤) الكلام التالي مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: ١٠/ ب.
(٥) تتمة الكلام كما في تفسير البوني: " ومنه قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} وقد أجمع العلماء على التدلّك في هذا، فكذلك الغسل من الجنابة".
(٦) هذا الإيضاح مقتبس من المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>