كتاب المسالك في شرح موطأ مالك

أوّلها: أنَّه مَطْهَرَةٌ للفَمِ. ومرضاةٌ للرَّبِّ. ومطردةٌ للشَّيطان. ومفرحة للملائكة. ويُذهبُ الحَفْرَ. وَيجْلُو البَصَر. ويُكَفِّر الخطيئة، قاله ابن عبّاس، وأَسنَدَهُ الدّارقطنيّ في "كتابه" (١).

٢ - وقال عليّ: "السِّواكُ يزيدُ الرَّجُلَ فصاحةً" (٢)، وذلك أنّ الرَّجُل إذا لم يستك بَخِرَ فمُهُ، فإذا حضر مجلس عِلْمٍ لم يتجرَّأ أنْ يتكلّم لأجل بخورة فمه، فحَرَمَهُ الكلام، وإذا اسْتاك عند كلِّ وُضوءٍ فاحَ فُوهُ، وتكلَّم في كلِّ وقتٍ.

شرح حديث ابن السَّبَّاق (٣):

٣ - أنَّ رسول الله قال في جُمُعةٍ من الجُمعِ: "معْشَرَ النَّاس، إِنَّ هذَا يَومٌ جَعَلَهُ اللهُ عِيدًا، فَاغتَيسلُوا، وَمَنْ كانَ عِنْدَهُ طِيبٌ فَلَا يَضُرُّه أنّ يَمَسَّ مِنْهُ" الحديث.

فيه خمس فوائد:

الفائدة الأوُلى:

قوله: "اغتَسِلُوا" فيه الأمر بالغُسلِ للجمعة، وذلك عند جماعة العلماء محمولٌ على النَّدْب، والأمرُ بالغُسْل فيه إنّما هو لِعِلَّة، والحديث مُعَلَّلٌ، وذلك أنّهم كانوا يأتون الجمعة من البَوَادِي ولا يغتسلون، وعليهم الرّوائح، فقيل لهم: "لَوِ اغتسلْتُم" (٤)، لهذا المعنى. وفي قول عمر لعثمان: "وَالوضُوءُ أيْضًا" (٥) بمعنى أنّه ليس بواجب الغُسل على كلِّ أَحَد، وسيأتي الكلام عليه في أبواب الجمعة من هذا "الكتاب".

(١) ١/ ٥٨ وقال الدارقطني عقب الحديث: "معلي بن ميمون ضعيف متروك". ونرى من المستحسن إثبان نصّ الدارقطني لأنّه أبين: "عن ابن عبّاس قال: في السِّواك عشر خصال: مرضاة للرّبِّ تعالى. ومسخطة للشيطان. ومرفحةٌ للملائكة. جيّدٌ للّثّة. ومذهب بالحَفْر. ويجلو البصر. ويطيب الفم. ويقلّل البلغم. وهو من السُّنّة. ويزيد الحسنات". كما رواه البيهقي في شعب الإيمان (٢٧٧٦) وقال في عقبه: "وهو ممّا تفرَّدَ به الخليل بن مرّة وليس بالقوي في الحديث". وانظر كتاب السواك وما أشبه ذاك لأبي شامة: ٣٧ - ٣٨.
(٢) لم نجده من حديث عليّ، ولكننا وجدناه من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو يعلى في معجمه (٦٦)، والعقيلي في الضعفاء: ٣/ ١٥٦، والقضاعي في مُسْنَد الشهاب (٢٣٢)، والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (٨٥٩)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٥٤٩) وقال: "هذا حديث لا أصل له".
(٣) الّذي أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (١٦٩) رواية يحيى.
(٤) أخرجه البخاريّ (٢٠٧١) من حديث عائشة.
(٥) أخرجه البخاريّ (٨٨٢)، ومسلم (٨٤٥) من حديث أبي هريرة.