للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدًا لا يكون ذَا شِمَالَين، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أَصَدَقَ ذُو اليَدَيْنِ" فكان أوّل ما سُمِّي به، وقد كان آخر يقال له ذو اليدين قُتِلَ يوم بَدرِ، وكان اسمه عُمَيْر بن عبد عمرو، من خزاعة (١).

الأصول (٢):

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي: هذا بابٌ عظيمٌ في الفقه، أحاديثُه كثيرةٌ، ومسائله عظيمةٌ، وفروعه متشعِّبَةٌ، يذهبُ العمرُ في تحصيلها, ولا يتمكَّنُ العَبْدُ من تحصيلها وتخليصها (٣)، فعليكم أنّ تحفظوا أصولها وتَرْبِطُوا فصولها، ثم تُرَكِّبوا عليها ما يَلِيقُ بها، وتطرَحُوا الباقي عن أنفسكم منها.

قال الإمام أبو بكر بن العربي: دخلتُ رِبَاطَ إفريقيّة، فلقيتُ المتعبِّدين الّذين أعرضُوا عن الدُّنيا وأَقبَلُوا على خدمة المَوْلَى، وسمعتُهم لا يقرؤون من الفِقْه إلَّا مسائلَ الوضوء والصّلاةِ الّتي تَخْتَصُّ بهم وبِمَا هُم فيه، فحدَّثوني أنّ أبا بكر (٤) بن عبد الرحمن وكان من حُفَّاظِ أهلِ زمانِه بالمسائلِ، كان يَرِدُ عليهم في الأشْهُر الفاضلة بِنِيَّةِ إلاعتكاف، فيسألونَهُ عن المسائل، فإذا أَفْتَاهُم، قالوا له: الرِّوايةُ في "نوازِلِ سحنون" بخلاف هذا النَّصِّ في الكتاب الفلانيِّ على غيرِ ما قُلتَ، حتّى طال عليه ذلك، فقال لهم: إذا ذَكَرتُم المسألةَ فاذْكُروا جوابها معها، فإن كان جاريًا على الأصول، أَمَرْتكُمُ بالتَّمَسُّك به، وإن كان خارجًا عنها، عرَّفْتُكُم بالصَّوَاب فيه، أمّا هؤلاء الّذين يجلسون عند السَّوارِي من العوامّ، لا عِلْمَ عندهم إلَّا نوازل لا يذهبون بها إلَّا إلى طريق الجَدَلِ، فهم أشدَّ خَلْقِ اللهِ جَهْلا، وأَشَدّهم عند الله عذابًا، لتبكيتهم النّاس بذلك.

قال الإمام: وفي هذا الباب عشر سؤالات:

السَؤال الأوّل: كم أحاديث السَّهْوِ؟

السُؤال الثّاني: ما المَسْهُوُّ عنه؟


(١) انظر ترجمته في طبقات ابن سعد: ٣/ ١٦٧، والإصابة: ٢/ ٤١٤.
(٢) انظر كلامه في الأصول في القبس: ١/ ٢٤٤.
(٣) م: "تخليصها"، وفي القبس: "تفصيلها".
(٤) في النسخ: "أبا زكريا" واستُدْرِكَ الخطأ في: م، والمَعْنِىُّ هو أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الخولاني (ت. ٤٣٢) قال عنه عياض في ترتيب المدارك: ٧/ ٢٣٦ "من أهل القيروان وشيخ فقهائها في وقته ... وكان فقيهًا حافظًا دَيِّنًا" وانظر سير أعلام النبلاء: ١٧/ ٥١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>