للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "قَدْ ذُلِّلَت" يريد بالثَّمَرِ (١). ويقالُ: تَبَرَّزَتْ للخُرْصِ وظَهَرَتْ. والأظهرُ أنّ الثَّمَرَةَ إذا عَظُمَت وبَلَغَت حدَّ النَّضْج ثَقُلَت فمالت بعراجينها، وهو من قوله تعالى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} (٢).

الفقه (٣):

قوله: "هِيَ صَدَقَةٌ" هذه اللّفظة تقتضي البِرَّ وإن لم يقل صدقة لله، وذلك أَنَّ من تصدَّقَ (٤) على ابنه لم يكن له اعتصار صدقته، بخلاف الهبة فإنّ له اعتصارها حتّى يقول: هبة لله. وتفارقُ الصّدقة الهِبَة في مواضع (٥)، وذلك إذا قال: "صدقة" ولم يبيِّن المتصدِّق عليه، كَمُلَتِ الصَّدَقة ولم تفتقر إلى ذِكْرِ المصدَّق عليه، والهِبَةُ تفتقرُ إلى ذِكْر الموهوبِ له.

وقال عبد الملك: في الحديث دليلٌ على مَنْ تصدَّق بشيءٍ مُعَيَّنِ وإن كان أكثر من الثُّلُثِ فإنّه يلزَمه، وليس ذلك بِبيِّنِ؛ لأنّه ليس في الحديث (٦) أنّ ما أخرجه كان أكثر من ثُلُثِ مَالِه، وما عرفنا ذلك، وليس في الحديث ما يدلُّ على أنّه يلزمه ذلك ويحكم عليه به مع (٧) امتناعه منه.

العَمَلُ فِي السَّهْوِ

قال الإمام الحافظ (٨): لم يذكر في هذا الحديث (٩) ما يعمل عند شكّه (١٠) في صلاته من البناء على يقينه، أوغير ذلك.


(١) انظر مشكلات موطَّأ مالكٌ: ٨٠.
(٢) الإنسان: ١٤.
(٣) كلامه في الفقه مقتبس من المنتقى: ١/ ١٨١ - ١٨٢.
(٤) في المنتقى: "ولذلك مَنْ تصدَّق" وهي أسدّ.
(٥) في المنتقى: "في موضع آخر".
(٦) في المننقى: "الحديث ما يدلُّ".
(٧) في النّسخ: (عليه برفع) والمثبت من المنتقى.
(٨) الكلام التالي مقتبسٌ من المنتقى: ١/ ١٨٢ بتصرّف.
(٩) أي حديث الموطَّأ (٢٦٣) روايِة يحيى، ونَصُّهُ: "عن أبي هريرة؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: إنّ أحدكم إذا قام يُصَلِّي، جاءهُ الشيطانُ، فَلبَسَ عليه، حتّى لا يَدري كم صلَّى، فإذا وَجَدَ أحَدُكُم، فليَسْجُد سَجْدَتَين وهو جالسٌ".
(١٠) في النّسخ: "الحديث غير من شك" والمثبت من المنتقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>