للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء إليه رجل ضريرة فشكا إليه ذهاب بصره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تصبر؟ " قال: يا رسول الله، ليس لي قائد، وقد شق عليّ، فقال النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: " أئت الميضأة؛ فتوضأ، و (١) صل ركعتين، ثم قل: اللهمّ، إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -، يا نبيّ الرّحمة، يا محمد إنّي أتوجّه بك إلى ربّي - عَزَّ وَجَلَّ -؛ فتجلي عن بصري، اللهمّ، شفّعه فيّ، وشفعني في نفسي".

قال عثمان؛ فما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل كأنه لم يكن ضريرًا قط.

ــ

هو أمير المؤمنين بالحديث، وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذبَّ عن السُّنة، وكان عابدًا".

قلت: إذا تبين لك هذا عرفت أن مخالفة حماد لشعبة في هذا الحديث وزيادته عليه تلك الزيادة غير مقبولة؛ لأنها منافية لمن هو أوثق منه، فهي زيادة شاذة؛ كما يشير إليه كلام الحافظ السابق في "النخبة"، ولعل حمادًا روى هذا الحديث حين تغير حفظه، فوقع في الخطأ، وكأن الإمام أحمد أشار إلى شذوذ هذه الزيادة. فإنه أخرج الحديث من طريق مؤمل -وهو ابن إسماعيل- عن حماد -عقب رواية شعبة المتقدمة- إلا أنه لم يسق لفظ الحديث، بل أحال به على لفظ حديث شعبة، فقال: "فذكر الحديث"، ويحتمل أن الزيادة لم تقع في رواية مؤمل عن حماد؛ لذلك لم يشر إليها الإمام أحمد؛ كما هي عادة الحفاظ إذا أحالوا في رواية على أخرى بينوا ما في الرواية المحالة من الزيادة على الأولى.

وخلاصه القول: إن الزيادة لا تصح لشذوذها, ولو صحت لم تكن دليلًا على جواز التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم -؛ لاحتمال أن يكون معنى قوله: "فافعل مثل ذلك يعني: من إتيانه - صلى الله عليه وسلم - في حاله حياته، وطلب الدعاء منه والتوسل به، والتوضؤ والصلاة، والدعاء الذي علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو به، والله أعلم" أ. هـ.

قلت: هذا تحرير جلي؛ فعض عليه بالنواجذ؛ فلمثله تضرب أكباد المطي.

وبالجملة؛ فالحديث حسن بطرقه الأخرى، والله أعلم.

تكميل: والحديث لا يدل على جواز التوسل بذات النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد أروى شيخنا - رحمه الله - الغليل وشفى العليل في بيان هذا الأمر، فانظره غير مأمور في الكتاب المذكور.


(١) في "ل": "ثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>