للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (١). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: «لَا تُبَشِّرْهُمْ، فَيَتَّكِلُوا (٢)». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٣ - عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ (٣)، وَالجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ (٤)». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٤ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ (٥)؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا


(١) فحقه تعالى على عباده: أن يعبدوه، مخلصين له العبادة، ممتثلين ما أمرهم به وأوجبه عليهم، وأعظمه التوحيد، ومجتنبين ما نهاهم عنه وحرمه عليهم، وأعظمه الشرك، فإذا فعلوا ذلك، فحقهم عليه أن يغفر لهم ولا يعذبهم، وأن يدخلهم الجنة، وقد وعدهم ذلك، ووعده حق لا يُخلَف.
(٢) أي: يعتمدوا على هذا ويتركوا الاجتهاد في العمل.
(٣) «وكلمته ألقاها إلى مريم»: أي: قوله: «كن»، وسُمِّي عيسى - عليه السلام - كلمة؛ لأنه كان بكلمة «كن» فحسب من غير أب، بخلاف غيره من بني آدم. «وروح منه»: أي: مخلوقة من عنده، وعلى هذا يكون إضافتها إليه إضافة تشريف، كناقة الله وبيت الله.
(٤) هذا محمول على إدخاله الجنة في الجملة، فإن كانت له معاص من الكبائر فهو في مشيئة الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، فإن عذبه لم يخلده في النار وختم له بالجنة.
(٥) فيه إثبات شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته، وهو من أصول أهل السنة. وله - صلى الله عليه وسلم - في القيامة ثلاث شفاعات: أما الشفاعة الأولى: فيشفع في أهل الموقف حتى يُقضى بينهم بعد أن تتراجع الأنبياء: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم عن الشفاعة حتى تنتهي إليه.
وأما الشفاعة الثانية: فيشفع في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة. وهاتان الشفاعتان خاصتان له.
وأما الشفاعة الثالثة: فيشفع فيمن استحق النار، وهذه الشفاعة له ولسائر النبيين والصدِّيقين وغيرهم، فيشفع فيمن استحق النار أن لا يدخلها، ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها، وهذه هي الشفاعة المرادة في الحديث المذكور.

<<  <   >  >>