للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ (١)». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

٧٤ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ (٢) لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا (٣)، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا، إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: ٥١]. وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: ١٧٢] (٤). ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ (٥) أَشْعَثَ أَغْبَرَ (٦)، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ (٧): يَا رَبِّ، يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ


(١) فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه المحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه. فإذا كان قلبه سليمًا، ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله، وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوق للشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات. وإن كان القلب فاسدًا، قد استولى عليه اتباع هواه، وطلب ما يحبه ولو كرهه الله، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعثت إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع هوى القلب.
(٢) في الحديث إثبات اسم الطيب لله عز وجل. والطيب هنا معناه: الطاهر، والمعنى: أن الله تعالى مقدَّس منزَّه عن النقائص والعيوب كلها.
(٣) المراد: أنه لا يقبل من الاعتقادات إلا ما كان طيبًا خالصًا من الشرك والبدع، ولا من الأعمال إلا ما كان طيبًا طاهرًا من المفسدات كلها كالرياء والعجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالًا.
(٤) المراد بهذا: أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالًا، فالعمل الصالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال، فكيف يكون العمل مقبولًا؟! وما ذكره بعد ذلك من الدعاء، وأنه كيف يُتَقَبَّل مع الحرام، فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام.
(٥) معناه: أنه يطيل السفر في وجوه الطاعات، كحج وزيارة مستحبة وصلة رحم وغير ذلك. والله أعلم.
(٦) أي: ثائر الرأس غيَّر الغبار لونه.
(٧) هذا الموضع من أدلة علو الله على خلقه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.

<<  <   >  >>