للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[علامات البلوغ تنحصر في خمسة أشياء وكلام العلماء في ذلك وفضل إصلاح ذات البين]-

بين هذه وبين الفتاة التي في حجر أم سلمة فإنى لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا (كتاب الصلح وأحكام الجوار) (باب الترغيب في إصلاح ذات البيت) (١) وقول الله عز وجل} لا خير فى كثير من نجواهم (٢) إلا من يصدقه أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما {* (عن أبى الدرداء) (٣) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا أخبركم بأفضل (٤) من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى، قال إصلاح ذات البين (٥)، وفساد ذات البين هي الحالقة (٦)


من باب أولى وأن الفتاة إذا حاضت وجب عليها الستر (قال العلماء) علامات البلوغ تنحصر في خمسة أشياء الاحتلام والسن , والإنبات والحيض والحمل , وهذان الأخيران يختصان بالنساء , واتفق العلماء على أن الاحتلام من علامات البلوغ للرجال والنساء , وعلى أن الحمل والحيض كذلك للنساء , واختلفوا في الإنبات والسن: فذهبت الشافعية إلى أن الإنبات علامة بلوغ الكافر واعتبروا أن خمس عشرة سنة في الذكور والإناث ووافقهم الإمام أحمد في أظهر روايتيه وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وابن وهب وابن الماجشون المالكيين والأوزاعي محتجين بحديث ابن عمر المذكور في الباب , وقد عمل بذلك عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وأقره عليه رواية نافع وحالف آخرون لا نطيل الكلام بذكرهم والله أعلم} باب {(١) أي إصلاح الفساد بين القوم والمراد إسكان الثائرة , والصلح في اللغة اسم بمعنى المصالحة وهي المسالمة خلاف المخاصمة أي قطع النزاع , وفي الشرع الصلح عقد يقطع النزاع من بين المدعي والمدَّعى عليه ويقطع الخصومة (قال الحافظ) والصلح أقسام: صلح المسلم مع الكافر , والصلح بين الزوجين , والصلح بين الفئة الباغية والعادلة , والصلح في الجراح كالعفو على مال , والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إنا في الأملاك أو المشتركات كالشوارع , وهذا الأخير هو الذي يتكلم فيه أصحاب الفروع (٢) قال مجاهد الآية عامة في حق جميع الناس (والنجوى) هي الأسرار في التدبير , وقيل النجوى ما ينفرد بتدبيره قوم سرا كان أو جهرا , فمعنى الآية لا خير في كثير مما يدبرونه بينهم (إلا من أمر بصدقة) أي إلا في نجوى من أمر بصدقة الخ , فالنجوى يكون متصلا ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا بمعنى لكن من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فإن في نجواه خيرا , وقال الداودي معناه لا ينبغي أن يكون أكثر نجواهم إلا في هذه الخلال (أو معروف) المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله عز وجل والتقرب إليه والإحسان إلى الناس , وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه وأعمال البر كلها معروف: وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكروه (أو إصلاح بين الناس) أي إصلاح ذات البين (ومن يفعل ذلك) أي هذه الأشياء التي ذكرها (ابتغاء مرضاة الله) أي مخلصا في ذلك محتسبا ثواب ذلك عند الله عز وجل (فسوف نؤتيه أجرا عظيما) أي ثوابا جزيلا كبيرا واسعا * (٣)} سنده {حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمر بن مرة عن سالم ابن أبي الجعد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء الخ} غريبه {(٤) أي بدرجة هي أفضل من درجة الصلاة الخ , الظاهر أن المراد بالصلاة والصيام والصدقة النوافل منها لا الفرائض (٥) أي إصلاح أحوال البين وإزالة ما بين الخصمين من العداوة والبغضاء , أو هو إصلاح الفساد والفتنة التي بين القوم , وإنما كان إصلاح ذات البين أفضل من الصلاة والصيام والصدقة لما فيه من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناصر والألفة والاجتماع على الخير , ولكثرة ما يندفع به من الشر والعداوة والبغضاء (٦) أي

<<  <  ج: ص:  >  >>