للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم المسيح بن مريم والمسيح الدجال يطوفان بالبيت]-

واضعا يده على عوائق (١) رجلين يطوف بالبيت (٢) رَجِلَ الشعر فقلت من هذا؟ فقالوا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلا جَعْدا (٣) قططا أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية (٤) كأشبه من رأيت (٥) من الناس بابن قطن، واضعا يده على عواتق رجلين يطوف بالبيت (٦) فقلت من هذا؟ فقالوا هذا المسيح (٧) الدجال (باب رؤيته صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل في الرؤيا) (عن ابن عباس) (٨) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة (٩) أحسبه يعني في النوم فقال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ (١٠) قال قلت لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده بين كتفي


(١) العواتق جمع عاتق، قال أهل اللغة هو ما بين المنكب والعنق، وفيه لغتان التذكير والتأنيث والتذكير أفصح وأشهر (٢) هو عيسى بن مريم عليه السلام كما سيأتي، وقد صرح في الحديث أن هذه الرؤيا منامية قال القاضي عياض وعلى هذا يحمل ما ذكر من طواف الدجال بالبيت وأن ذلك رؤيا، إذ قد ورد في الصحيح أنه لا يدخل مكة ولا المدينة مع أنه لم يذكر في رواية مالك طواف الدجال، وقد يقال أن تحريم دخوله مكة والمدينة عليه أنما هو في زمن فتنته والله أعلم (٣) بفتح الجيم وسكون العين شعره (قططا) بفتح القاف والمهملتين أي شديد جعودة الشعر (٤) بفاء ثم ياء تحتية أي بارزة من طفا الشيء يطفو بغير همز إذا علا على غيره، شبهها بالعتبة التي تقع في العنقود بارزة عن نظائرها (٥) قال النووي ضبطناه رأيت بضم التاء وفتحها وهما ظاهران (وقطن) هذا بفتح القاف والطاء (٦) تقدم الكلام على طواف المسيح الدجال بالبيت (٧) سمي مسيحا لكون إحدى عينيه ممسوحة والأخرى طافية كما تقدم أو لأن أحد شقى وجهه خلق ممسوحا لا عين فيه ولا حاجب، أو لأنه يمسح الأرض إذا خرج والله أعلم (تخريجه) (ق لك) (باب) (٨) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبن عباس الخ (غريبه) (٩) الظاهر أن إتيانه تعالى كان في المنام بدليل قول الراوي (أحسبه في النوم) ويدل على ذلك أيضا حديث معاذ عند الترمذي وفيه (فنعست في خلوتي فاستثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة) وهذا لا إشكال فيه، إذ الرائي قد يرى غير المتشكل متشكلا والمتشكل بغير شكله وهكذا لكن جاء في حديث معاذ عند الإمام أحمد وسيأتي في باب الترغيب في خصال مجتمعة من أفضل أعمال البر في قسم الترغيب بلفظ (فنعست في صلاتي حتى أستيقظت فإذا بربي عز وجل في أحسن صورة) وظاهره أنه رأى الله عز وجل في اليقظة، قال ابن حجر المكي والظاهر أن رواية حى استيقظت تصحيف فإن المحفوظ في رواية أحمد والترمذي (حتى استثقلت) اهـ (قلت) وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد ذكر حديث معاذ هو حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط، وهو في السنن من طرق، وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به وقال حسن صحيح، ثم قال الحافظ ابن كثير وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر، وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو قوله تعالى {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين} الآيات اهـ وعلى تقدير كون ذلك في اليقظة فذهب السلف في مثل هذا من أحاديث الصفات أمراره كما جاء من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل والإيمان به من غير تأويل له والسكوت عنه وعن أمثاله مع الاعتقاد بأن الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ومذهب السلف هذا هو المتعين ولا حاجة إلى التأويل وهو مذهبي ولله الحمد (١٠) أي الملائكة

<<  <  ج: ص:  >  >>