للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرآن، وقراءة الحديث النبويّ، والاشتغال بالعلم الشرعي، وأولى ما يُذكر به ما أخرجه البخاري من حديث عُبادة بن الصامت - رضي اللَّه عنه -، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "من تعارّ من الليل، فقال: "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شىء قدير، الحمد للَه، وسبحان اللَّه، ولا إله إلا اللَّه، واللَّه أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا باللَه، ثم قال: اللَّهم اغفر لي -أو دعا- استجيب، فإن توضأ قُبلت صلاته انتهى (انْحَلت عُقدَة) أي واحدة من تلك العقد الثلاث (فَإِنْ تَوَضَّأَ) إنما خصّ الوضوء بالذكر، لأنه الغالب، وإلا فالجنب لا يحل عقدته إلا الاغتسال، وهل يقوم التيمم مقام الوضوء، أو الغسل لمن ساغ له ذلك؟ محل بحث، قال الحافظ: والذي يظهر إجزاؤه، ولا شكّ أن في مُعاناة الوضوء عونا كبيرًا على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم (انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتِ العُقَدُ كُلُّهَا) قال في "الفتح": بلفظ الجمع بغير اختلاف في البخاريّ، ووقع لبعض رواة "الموطإ" بالإفراد، ويؤيّده رواية أحمد المشار إليها قبلُ، فإن فيها: "فإن ذكر اللَّه انحلت عقدة واحدة، وإن قام، فتوضأ أُطلقت الثانية، فإن صلى أطلقت الثالثة"، وكأنه محمول على الغالب، وهو من ينام مضطجعًا، فيحتاج إلى الوضوء إذا انتبه، فيكون لكلّ فعل عقدة يحلُّها. انتهى.

(فَيُصْبِحُ طَيِّبَ النَّفْس) أي لسروره بما وفّقه اللَّه تعالى له من الطاعة، وبما وعده من الثواب، وبما زال عنه من عقد الشيطان، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كذا قيل، والذي يظهر أن في صلاة الليل سرًّا في طيب النفس، وإن لم يستحضر المصلي شيئا مما ذُكر، وكذا عكسه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: ٦]. وقد استنبط بعضهم منه أن من فعل ذلك مرة، ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثانيًا. واستثنى بعصهم ممن يقوم، ويذكر، ويتوضأ، ويصلي من لم ينهه ذلك عن الفحشاء، بل يفعل ذلك من غير أن يُقلع، والذي يظهر فيه التفصيل بين من يفعل ذلك مع الندم والتوبة والعزم على الإقلاع، وبين المصرّ. (نَشِيطًا، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ) أي بتركه ما كان اعتاده، أو أراده من فعل الخير، كذا قيل، وقد تقدم ما فيه (كَسْلَانَ) غير مصروف للوصف، ولزيادة الألف والنون، ومقتضى قوله: "وإلا أصبح" أنه إن لم يجمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيثًا كسلان، وإن أتى ببعضها، وهو كذلك، لكن يختلف ذلك بالقوّة والخفّة، فمن ذكر اللَّه مثلاً كان في ذلك أخفّ ممن لم يذكر أصلًا. وفي حديث أبي سعيد: "فإن قام فصلى انحلّت العُقَد كلهن، وإن استيقظ، ولم يتوضأ، ولم يصلّ أصبحت العقد كلها كهيئتها".

وقال ابن عبد البر -رحمه اللَّه تعالى-: هذا الذمّ يختصّ بمن لم يَقُم إلى صلاته