للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عَبدِ اللَّه) بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - رَجُل) قال الحافظ: لم أقف على اسمه، لكن أخرج سعيد بن منصور، عن عبد الرحمن ابن يزيد النخعي، عن ابن مسعود ما يؤخذ منه أنه هو، ولفظه بعد سياق الحديث بنحوه: "وايم اللَّه، لقد بال في أذن صاحبكم ليلة" يعني نفسه (نَامَ لَيْلَةَ، حَتَّى أَصْبَحَ) ظاهر صنيع المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أنه حمله على ترك قيام الليل، لكن يحتمل أنه ترك صلاة العشاء. وفي رواية البخاريّ من طريق أبي الأحوص، عن منصور: "ما زال نائما حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة". قال في "الفتح": المراد الجنس، ويحتمل العهد، ويُراد به صلاة الليل، أو المكتوبة (قَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيهِ") بالتثنية، وفي رواية البخاري المذكورة بالإفراد. واختُلف في بول الشيطان، فقيل هو على حقيقته، قال القرطبيّ وغيره: لا مانع من ذلك، إذ لا إحالة فيه؛ لأنه ثبت أن الشيطان يأكل، ويشرب، ويَنكِح، فلا مانع من أن يبول. وقيل: كناية عن سدّ الشيطان أذن الذي نام عن الصلاة حتى لا يسمع الذكر. وقيل: معناه أن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فحجب سمعه عن الذكر. وقيل: هو كناية عن ازدراء الشيطان به. وقيل: معناه أن الشيطان استولى عليه، واستخفّ به، حتى اتخذه كالكنيف المعدّ للبول، إذ من عادة المستخفّ بالشيء أن يبول عليه. وقيل: هو مثل مضروب للغافل عن القيام بثقل النوم، كمن وقع البول في أذنه، فثقّل أذنه، وأفسد حسّه، والعرب تَكني عن الفساد بالبول، قال الراجز:

بَالَ سُهَيلٌ فِي الْفَضِيخِ فَفَسَدْ

وكنى بذلك عن طلوعه لأنه وقت إفساد الفضيخ، فعبَّر عنه بالبول.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي القول الأول هو الصواب، فبول الشيطان في أذن هذا النائم على حقيقته، إذ ما لا نع من ذلك، كما تقدم عن القرطبي وغيره، فلا داعي لصرف ظاهر النصّ إلى هذه التكلّفات التي ذكروها، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم.

ووقع في رواية الحسن عن أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - في هذا الحديث عند أحمد: "قال الحسن: إن بوله واللَّه لثقيل". ورَوى محمد بن نصر من طريق قيس بن أبي حازم، عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -: "حسبُ الرجل من الخيبة والشرّ أن ينام حتى يصبح، وقد بال الشيطان في أذنه". وهو موقوف صحيح الإسناد.

وقال الطيبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: خصّ الأذن بالذكر، وإن كانت العين أنسب بالنوم