للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إَذَا سَارَ عَبْدُ اللَّهِ فِي مَرْوَ لَيلَةَ … فَقد سَارَ فِيهَا نُورُهَا وَجَمَالُهَا

وقال أبو العالية. مُزَيِّن السموات بالشمس، والقمر، والنجوم، ومزيّن الأرض بالأنبياء، والأولياء، والعلماء. انتهى (١).

ولفظ، "الكبرى"، وهي رواية لمسلم: "أنت رب السموات والأرض" بدل "نور السموات الخ": أي مصلحهما، ومصلح مَن فيهما، مْأخوذ من الرّبّة، وهي نبت تصلح عليه المواشي، يقال: ربّ يرُبّ رَبّا، فهو رابّ, وربّ، ورَبَّى يرَبِّي تَرْبية، فهو مربّ، قال النابغة: [من الطويل]

وَرَبَّ عَلَيْهِ اللَّهُ أَحَسَنَ صُنْعَهُ

وقال آخر: [من الطويل]

يَرُبُّ الَّذِي يَأتِي مِنَ الْخَيْرِ أَنَّهُ … إِذَا فَعَلَ الْمَعرُوفَ زَادَ وَتَمَّمَا

والربّ أيضا السيّد، فيكون معناه أنه سيد من في السموات والأرض. والربّ المالك: أي هو مالكهما، ومالك من فيهما. قاله في "المفهم".

(وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ) قَيّام على المبالغة، من قام بالشيء: إذا هيّأ له ما يحتاج إليه، ويقال. قَيُّوم، وقَيّام، وقَيِّم، وقرأ عمر: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥]، وعلقمةُ. القيّم. وقال قتادة: هو القائم بتدبير خلقه، وقال الحسن: القائم على كلّ نفس بما كسبت، وقال ابن جُبير. الدائم الوجود، وقال ابن عباس: الذي لا يحول، ولا يزول. قاله في "المفهم".

وفي "المرعاة": أي القائم بأمرِ وتدبيرِ السماوات والأرض وغيرها. وفي رواية "قيّم، وفي أخرى "قيّوم"، وهي من أبنية المبالغة، وهي من صفات اللَّه تعالى، ومعناها واحد. وقيل: "القيّم": معناه القائم بأمور الخلق، ومدبّر العالم في جميع أحواله، و"القيّام": القائم بنفسه، بتدبير خلقه المقيم لغيره، و"القيّوم": من أسماء اللَّه تعالى المعدودةِ، وهو القائم بنفسه مطلقًا، لا بغيره، وهو مع ذلك يقوم به كلّ موجود حتى لا يتصوّر وجود شيء، ولا دوام وجوده إلا به انتهى.

وهذه الجملة تعليل للحمد، فكأنه يقول: إنما حمدتك, لأنك أنت الذي تقوم بحفظ المخلوقات، وتراعيها، وتؤتي كل شيء ما به قوامه، وما به يَنتفع إلى غير ذلك، وتكرير الحمد المُخَصَّص للاهتمام بشأنه، ولِيُنَاط به كلَّ مرة معنى آخر.

(وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ) بكسر اللام، أي المتصرّف فيهما


(١) -"المفهم" ج ٢ ص ٣٩٦ - ٣٩٧.