للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَفِظته، فأنا رَقيب، ورَقَبتهُ، وترقّبته، وارتقبته، والرِّقْبة بالكسر اسم منه: انتظرته، قاله في "المصباح"، فيحتمل أن يكون المعنى هنا: لأحفظنّ ما يفعله رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في صلاته، ويحتمل أن يكون: لأنتظرنّه حتى يفرغ من صلاته، لأحفظ كيفيتها (رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) بالنصب على المفعولية (لِصَلَاةٍ) متعلّق بـ "أرقُبنّ" واللام بمعنى "في"، أو هي للتعليل، أي لأجل صلاة (حَتَّى أَرَى فِعْلَهُ) أي ما يفعله في صلاته (فَلَمَا صَلَّى صَلَاةَ العِشَاءِ، وَهِيَ الْعَتَمَةُ) تقدم أن العتمة اسم للعشاء الأخيرة، فذكره بعد لفظ العشاء، لئلا يُتوهّم أن المراد به المغرب، حيث إنها يطلق عليها العشاء أيضًا، وقد ورد النهي عن التسمية بـ "العتمة"، وورد أيضًا جواز تسميتها به، وقد تقدم الجمع بينهما بأن النهي محمول على الإكثار من التسمية، لا على أصل التسيمية، فراجع ما تقدّم في أبواب الأوقات- ٢٢/ ٥٤٠ و ٢٣/ ٥٤١ أو ٥٤٢ - تستفد (اضْطَجَعَ هَوِيًّا) بفتح الهاء، وكسر الواو، وتشديد الياء: أي حينًا طويلاً (مِنَ اللَّيْلِ) بيان للَّهَوِيّ (ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فنظَرَ فِي الْأُفُقِ) بضمتين: الناحيةُ من الأرض، ومن السماء، والجمع آفاق، والنسبة إليه أُفُقيّ ردّا إلى الواحد، كما قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة":

وَالوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِبَا لِلْجَمْعِ … إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِدًا بِالْوَضْعِ

وربّما قيل: أَفَقِيٌّ بفتحتين، تخفيفًا، على غير قياس، حكاهما ابن السكّيت (١).

(فقَالَ) أي قرأ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قوله تعالى: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: ١٩١]، حَتَّى بَلَغَ {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: ١٩٤] ولعله ما ختم الآيات إلى آخر السورة في تلك الليلة، كما تقدّم في حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، حيث قرأ الآيات حتى ختم السورة، أو ختمها , لكن الذي سمع منه ذلك الصحابيّ هذا القدر فقط، واللَّه تعالى أعلم.

(ثم أَهْوَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، إِلَى فِرَاشِهِ) أي مَدّ يده إليه، يقال: أهوى إلى سيفه بالألف: تناوله بيده، وأهوى إلى الشيء بيده: مدّها ليأخذه، إذا كان عن قُرْب، فإن كان عن بُعْد قيل: هَوَى إليه بغير ألف. قاله في "المصباح"، وقد تقدم نحو هذا (فَاسْتَلَّ مِنْهُ سِوَاكًا) أي أخرجه منه في رفق، قال المجد اللغوي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: السَّلُّ بالفتح: انتزاعك الشيء، وإخراجه في رفق، كالاستلال انتهى (ثُمَّ أَفْرَغَ فِي قَدَحٍ) بفتحتين: إناء يُرْوِي الرجلين، جمعه أقداح (مِنْ إِدَاوَةٍ) بالكسر: المِطْهرة، جمعها الأدَوَى بفتح الواو (عِنْدَهُ) ظرف متعلق بصفة لـ"إداوة" (مَاء) مفعول "أفرغ"، والمعنى أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - صبّ ماء من إداوة


(١) - "المصباح" بزيادة.