للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(حَتَّى بَقِيَ الْوِتْرُ) أي صلى بهم صلاة الليل إلى أن انتهت كلها، وبقيت صلاة الوتر (ثُمَّ قَدَّمَ رَجُلاً) أي جعله إماما لهم (فَقَالَ لَهُ: أَوْتِرْ بِهمْ) أي صلّ بهم صلاة الوتر (فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) تعليل لتأخره عن الإمامة، وتقديم ذلك الرجل، أي لأني سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (يَقُولُ: "لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةِ) أي لا يجتمع وتران، أو لا يجوز وتران في ليلة واحدة، فـ "وتران" فاعل لفعل محذوف، كما قدّرنا, ويحتمل أن تكون "لا" عاملة عمل "ليس"، فـ"وتران" بالرفع اسمها، أو عاملة عمل "إنّ" على لغة من يُلزم المثنّى الألف في الأحوال الثلاثة، وهي لغة بلحارث، كما قاله الحافظ السيوطيّ -رحمه اللَّه تعالى-.

وقال السنديّ: وليست "لا" نافية للجنس، وإلا لكان "لا وترين" بالياء؛ لأن الاسم بعد "لا" النافية للجنس يُبنى على ما يُنصب به، ونصب التثنية بالياء، إلا أن يكون ههنا حكاية، فيكون الرفع للحكاية. وقال السيوطي: على لغة من ينصب المثنى بالألف انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول بالحكاية، غير صحيح؛ لأن المقام ليس مقام حكاية، فالصواب ما قدّمناه من توجيهات الرفع. واللَّه تعالى أعلم.

ثم إن النفي هنا بمعنى النهي، فكأنه قال: لا توتروا مرّتين في ليلة واحدة، وفيه دليل على أنه لا يجوز إعادة الوتر بعد صلاته، وبه قال أكثر أهل العلم، وسيأتي تحقيق الخلاف في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث طلق بن علي - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:

أخرجه هنا-٢٩/ ١٦٧٩ - وفي "الكبرى" ٤٣/ ١٣٨٨ بالإسناد المذكور. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:

أخرجه (د) ١٤٣٩ (ت) ٤٧٠ (أحمد) ٤/ ٢٣ (ابن خزيمة) ١١٠١ واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في نقض الوتر:

قال الإمام أبو بكر ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: اختلف أهل العلم في الرجل يوتر، ثم ينام، ثم يقوم للصلاة (١)، فقالت طائفة: يصلي إلى الركعة التي أوتر بها قبل أن ينام


(١) - وقع في نسخة "الأوسط" "ثم ينام للصلاة"، والظاهر أنه خطأ، والصواب ثم ينام، ثم يقوم للصلاة الخ، كما أثبته هنا.