للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للفتنة، فلما توفي عليّ بعث إلى الحسن، فأصلح الذي بينه وبينه سرّا، وأعطاه معاويةُ

عهدًا، إن حَدَثَ به حَدَثٌ , والحسن حيٌّ لَيُسمّينّه، وليجعلنّ هذا الأمر إليه، فلما توثق منه الحسن، قال عبد اللَّه بن جعفر: واللَّه إني لجالس عند الحسن، إذ أخذت لأقوم، فجذب ثوبي، وقال: يا هناه اجلس، فجلستُ قال: إني قد رأيت رأيًا، وإني أُحبّ أن تتابعني عليه، قال: قلت: ما هو؟ قاله: قد رأيت أن أَعْمِد إلى المدينة، وأنزلها، وأُخَلِّي بين معاوية، وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة، وسُفكت فيها الدماءُ، وقُطّعت فيها الأرحام، وقُطِعَت السبلُ، وعُطّلت الفروج -يعني الثُّغُور- فقال ابن جعفر: جزاك اللَّه عن أمة محمد - صلى اللَّه عليه وسلم - خيرًا، فأنا معك على هذا الحديث، فقال الحسن: ادع لي الحسين، فبعث إلى الحسين، فأتاه، فقال: أي أخي، إني قد رأيت رأيًا، وإني أحبّ أن تتابعني عليه، قال: ما هو؟ فقصّ عليه الذي قصّ على ابن جعفر، قال الحسين: أعيذك باللَّه أن تُكذّب عليّا في قبره، وتُصدّق معاوية، فقال الحسن: واللَّه ما أردت أمرًا قطّ إلا خالفتني إلى غيره، واللَّه لقد هممتُ أن أقذفك في بيت فأطيّنه عليك حتى أقضي أمري، فلما رأى الحسين غضبه، قال: أنت أكبر ولد عليّ، وأنت خليفته، وأمرنا لأمرك تبعٌ، فافعل ما بدا لك، فقام الحسن، فقال: يا أيها الناس، إني كنت أكره الناس لأول هذا الحديث، وأنا أصلحت آخره لذي حقّ أدّيت إليه حقّه، أحقّ به مني (١)، أو حقّ جُدت به لصلاح أمة محمد - صلى اللَّه عليه وسلم -، وإن اللَّه قد ولاّك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندك، أو لشرّ يعلمه فيك، {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: ١١١]، ثم نزل.

وقال عبدالرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه: قلت للحسن بن عليّ: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة، فقال: كانت جماجم العرب بيدي، يُسالمون مَن سالمت، وُيحاربون من حاربتُ، فتركتها ابتغاءَ وجه اللَّه، ثم أَبْتَزُّها بأَتْياس الحجاز.

وقال ابن عون، عن عُمير بن إسحاق: دخلت أنا ورجل من قُريش على الحسن بن علي، فقام، فدخل المَخْرَجَ، ثم خرج، فقال: لقد لَفَظت طائفة من كبدي، ولقد سُقيت السمّ مرارًا، إلى أن قال: ثم عُدنا إليه من غد، وقد أخذ في السَّوْق، فجاء حسين، فقعد عند رأسه، فقال: أي أخي: مَنْ صاحبك؟ قال: تريد قتله؟ قال: نعم، قال: لئن كان صاحبي الذي أظنّ، للَّهُ أشدّ له نقمة، وإن لم يكنه ما أحبّ أن تقتل بي برئيًا. وقال أبو عوانة، عن مغيرة، عن أم موسى -يعني سُرِّيّة عليّ- أن جَعْدة بنت


(١) - هكذا عبارة التهذيبين , وهي ركيكة.