للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تابعي، عن تابعي، وفيه عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - من المكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي اللَّه عنها - (عَنِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أنه (قَالَ: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ) أي سنّة الفجر، وهي المشهورة بهذا الاسم، ويحتمل الفرض. قاله السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الاحتمال الثاني بعيد، بل الأول هو الصواب، فقد ثبت في رواية لمسلم، أنه قال في شأن الركعتين عند طلوع الفجر: "لهما أحبّ إليّ من الدنيا، وما فيها جميعًا" (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا") أي أثاثها ومتاعها، يعني أن أجرهما خير من أن يُعطَى تمام الدنيا في سبيل اللَّه تعالى، أو هو على اعتقادهم أن في الدنيا خيرًا، وإلا فذَرْة من الآخرة لا تساويها الدنيا وما فيها.

قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن حُمل الدنيا على أعراضها، وزَهْرتها، فالخير إما مُجْرًى على زعم من يرى فيها خيرًا، أو يكون من باب: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} الآية [مريم: ٧٣]. وإن حُمل على الإنفاق في سبيل اللَّه، فتكون هاتان الركعتان أكثر ثوابًا منها انتهى.

وقال في "حجة اللَّه البالغة": إنما كانتا خيرًا منها، لأن الدنيا فانية، ونعيمها لا يخلو عن كَدَر النَّصَب والتعَب، وثوابهما باق من غير كَدَرٍ انتهى.

وقد استُدِلّ به على أن ركعتي الفجر أفضل من الوتر، وهو أحد قولي الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ووجه الدلالة أنه جَعَل ركعتي الفجر خيرًا من الدنيا، وما فيها، وجعل الوتر خيرا من حُمْرِ النَّعَم، وحُمرُ النعَم جزءٌ مما في الدنيا، وأصحّ القولين عن الشافعيّ أن الوتر أفضل، وقد استُدلّ لذلك بما في "صحيح مسلم" من حديث أبي هُريرة - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا: "أفضل الصلاة بعد الفريضة الصلاة في جوف الليل"، وبالاختلاف في وجوبه، كما تقدّم (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:


(١) - راجع "المرعاة" ج ٤ ص ١٣٧.