للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المضاعفة مشروط بخصوص الوقت أفاده السنديّ (١).

(كُتِبَ لَهُ) جواب الشرط (كَأنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ") صفة لمصدر محذوف، أي أُثبت أجرُه في صحيفة عمله، إثباتا مثلَ إثباته حين قرأه من الليل.

قال القرطبي -رحمه اللَّه تعالى-: هذا تفضل من اللَّه تعالى، ودليل على أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار. والحزب هنا الجزء من القرآن، يصلي به. وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم، أو عذر منعه من القيام، مع أن نيته القيام. وقد ذكر مالك في "الموطإ" عنه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: "ما من امرىء تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم، إلا كتب اللَّه له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه" (٢). وهذا أتم في التفضّل والمجازاة بالنيّة، وظاهره أن له أجره مكمّلاً مضاعفًا، وذلك لحسن نيته، وصدق تلهّفه، وتأسّفه، وهذا قول بعض شيوخنا، وقال بعضهم: يَحتمل أن يكون غير مضاعف، إذ الذي يصليها أكمل، وأفضل.

قلت (٣): والظاهر التمسّك بالظاهر (٤)، فإن الثواب فضل من الكريم الوهّاب، وقد تقدم من حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - "كان إذا غلبه نوم، أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة" (٥)، وهذا كله إنما هو يبقى في تحصيل مثل ما غُلب عليه، لا أنه قضاء له، إذ ليس في ذمّته شيء، ولا يُقضى إلا ما تعلّق بالذمّة. وقد رأى مالك أن يصلي حزبه من فاته بعد طلوع الفجر، وهو عنده وقت ضرورة لمن غُلب على حزبه، وفاته، كما يقول في الوتر انتهى كلام القرطبي -رحمه اللَّه تعالى- (٦). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث عمر بن الخطاب - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:


(١) "شرح السندي" ج ٣ ص ٢٥٩
(٢) تقدم للمصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ- قبل ثلاثة أبواب ٦١/ ١٧٨٤.
(٣) القائل هو القرطبي -رحمه اللَّه تعالى-.
(٤) قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قلت: بل هو المتعيّن، وإلا فأصل الأجر يكتب له بالنيّة. واللَّه تعالى أعلم انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله السنديّ حسنٌ جدَّا، وقد تقدم تحقيق هذا في شرح حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - قبل ثلاثة أبواب برقم ٦١/ ١٧٨٤. واللَّه تعالى أعلم.
(٥) تقدم للمصنف برقم ٢/ ١٦٠١.
(٦) "المفهم" ج ٢ ص ٣٨٣ - ٣٨٤.