للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تُرْجَعُونَ} [القصص: ٧٠]. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٨٤٤ - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا (١) عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ, "أَنَّ فَاطِمَةَ بَكَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, حِينَ مَاتَ, فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ, يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهُ, يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ".

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (إسحاق بن إبراهيم) ابن راهويه المروزي الإمام الحجة [١٠] ٢/ ٢.

٢ - (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني، ثقة حافظ، تغير في الآخر [٩] ٦١/ ٧٧.

٣ - (معمر) بن راشد الصنعاني، تقدم قريبًا.

٤ - (ثابت) بن أسلم البناني، أبو محمد البصريّ، ثقة عابد [٤] ٤٥/ ٥٣.

٥ - (أنس) بن مالك - رضي اللَّه عنه - ٦/ ٦. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من خماسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. ومنها: أن فيه ثابتًا -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى ممن لازم أنسًا - رضي اللَّه عنه - أربعين سنة. ومنها: أنه فيه أنسًا - رضي اللَّه عنه - أحد المكثرين السبعة، روى (٢٢٨٦) حديثًا، وهو أكثر الصحابة خدمة لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، خَدَمَهُ عشر سنين، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة، مات سنة (٩٢) أو سنة (٩٣) وقد جاوز مائة سنة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَنَسٍ) - رضي اللَّه عنه - (أَنَّ فَاطِمَة) الزهراء بنت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، و - رضي اللَّه عنها - (بَكَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي لأجل موته. وفي رواية البخاري من طريق حماد بن زيد، عن ثابت: لما ثَقُل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - جعل يتغشّاه، فقالت فاطمة - عليها السلام -: واكرب أباه، فقال: "ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم"، فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربًا دعاه … الحديث (حِينَ مَاتَ، فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ) أصله: يا أبي، والمثناة الفوقانية بدل من التحتانيّة، والألف للندبة، ولمدّ الصوت، والهاء للسكت (مِنْ رَبِّهِ) متعلّق بـ "أدناه" مقدّرًا، لأن معمول فعل التجب لا يتقدم عليه، وبالأحرى على "ما" التعجبيّة، كما أشار إليه في "الخلاصة" بقوله:

وَفِعلُ هَذَا الْبَابِ لَنْ يُقَدَّمَا … مَعمُولَهُ وَوَصْلَهُ بِهِ الْزَمَا

(مَا أَدْنَاهُ) "ما" تعجّبيّة، أي أيُّ شيء جعله قريبًا من ربه تعالى، تعجّبت استعظاما


(١) وفي نسخة: "أنبأنا".