للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن علي، وابنُ عَقِيل سيئ الحفظ، يصلح حديثه للمتابعات، فأما إذا انفرد، فيحسّن، وأما إذا خالف، فلا يقبل، وقد خالف هو رواية نفسه، فرَوَى عن جابر أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كفّن في ثوب نمرة.

وعند ابن سعد، عن الشعبيّ: "كفّن في ثلاثة أثواب، برد، يمانية غلاظ إزار، ورداء، ولفافة". وعن مرّة بن شُرَحبيل، عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لما ثقل، قلنا: فيم نكفّنك؟ قال: "في ثيابي هذه إن شئتم، أو في يمانية، أو ثياب مصر".

وعن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - زُرّ عليه قميصه الذي كفن فيه قال ابن سيرين: أنا زررت على أبي هريرة. وعند أبي بشر الدّولابيّ، عن سالم، عن أبيه: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - كفّن في ثلاثة أثواب: ثوبين صُحَارين (١)، وثوب حبرة". وعند ابن عديّ، عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، قال: "كفن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في ثوبين أبيضين سحولتين".

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد وردت روايات مختلفة، كما ذكرنا بعضها في كفن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأصحها -كما قال الترمذيّ، والحاكم، وغيرهما- حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - المذكور في الباب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة: في فوائده:

منها: ما بوّب له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان عدد كفن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. ومنها: استحباب كون الكفن ثلاثة اقتداء بالنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -. ومنها: استحباب كونها بِيضًا، لأن الأبيض أنظف، وأطيب، وهو إجماع، وقد تقديم أمر النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بذلك، لكن التكفين في غيرها من الألوان جائز، غير أنه لا يجوز أن يكفّن الرجل في الحرير، كما سيأتي. ومنها: عدم مشروعية القميص، والعمامة في الأكفان، لقولها في الرواية التالية: "ليس فيها قميص، ولا عمامة". ومنها: استحباب كون الأكفان من القطن، لقولها في الرواية الآتية أيضًا: "من كُرسف"، وهو القطن. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: في اختلاف العلماء في عدد الكفن:

قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: قد اختلف أهل العلم في عدد ما يكفّن فيه الميت:

روينا عن ابن عمر أنه قال: كفّن عمر في ثلاث أثواب، ثوبين سحوليين، وثوبا كان يلبسه. وقالت عائشة: لا يكفّن الميت في أقلّ من ثلاثة أثواب لمن قدر. وكان طاوس


(١) - في "النهاية": صُحَار، أي بالضمّ: قرية باليمن، نسب إليها الثوب، وقيل: هي حمرة خفية كالغُبْرة. اهـ. ج ٣ ص ١٢.