للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الصحيحين"، وغيرهما أن امرأة سوداء، كانت تقُمُّ المسجد -بقاف مضمومة، وميم مشددة- أي تجمع القُمامة، وهي الكناسة. وفي لفظ: "كانت تُنَقّي المسجد من الأذى"، ولابن خزيمة: "كانت تلتقط الْخِرَق من المسجد"، وللبيهقيّ بإسناد حسن، عن بُريدة: أن أم مِحْجَن كانت مولعة بلقط القَذَى من المسجد" -بقاف، ومعجمة مقصور- جمع قذاة، وهي ما يسقط في العين والشراب، ثم استعمل في كلّ شيء يقع في البيت وغيره، إذا كان يسيرًا وفي "الإصابة": محجنة، وقيل: أم محجن، امرأة سوداء، كانت تقمّ المسجد، ذُكرت في "الصحيح" بلا تسمية انتهى.

(مَرِضَتْ) وفي الرواية -٧١/ ١٩٦٩ - "اشتكت امرأةٌ بالعو الي مسكينةٌ … "، وفي - ٧٦/ ١٩٨١ - : "مَرِضَت امرأة من أهل العوالي … " (فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِمَرَضِهَا، وَكَانَ) وفي نسخة: "فكان" (رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، يَعُودُ الْمَسَاكِينَ) أي يزورهم (وَيَسْأَلُ عَنْهُمْ) وفي الروية ٧١/ ١٩٦٩ - : "فكان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، يسألهم عنها" (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: إِذَا مَاتَتْ فَآذِنُونِي") بمد الهمزة، من الإيذان، وهو الإعلام، أي أعلموني بموتها، وفي الرواية المذكور: "إن ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها".

وهذا هو محلّ الترجمة، فإنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر بإعلامه بموتها حتى يصلي عليها، فدلّ على مشروعية الإعلام بالجنازة. واللَّه تعالى أعلم.

(فَأُخْرِجَ بِجَنَازَتِهَا لَيْلاً) وفي الرواية المذكورة: "فجاؤا بها إلى المدينة بعد العَتَمَة، فوجدوا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد نام … " (وَكَرِهُوا، أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) زاد في الرواية المذكورة: "فَصَلَّوا عليها، ودفنوها ببقيع الغَرْقَد … " (فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أُخْبرَ بالَّذِي كَانَ مِنْهَا) وفي الرواية المذكورة: "فلما أصبح رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - جاءوا، فسألهم عنها، فقالوا: قد دفنت يا رسول اللَّه … " (فَقَالَ: "أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِها؟ ") أي بموتها، لأصلي عليها (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَرِهْنَا أنْ نُوقِظَكَ لَيلًا) أي إجلالا له، وتعظيمًا، لأنه لا يُدرَى ما يحدث له في نومه، من الوحي، أو غيره (فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي إلى البقيع. وفي الرواية المذكورة: "قال: فانطَلِقوا، فانطلق يمشي، ومشوا معه، حتى أروه قبرها، فقام رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وصفّوا وراءه، فصلى عليها، وكبر أربعا" (حَتَّى صَفَّ بالنَّاسِ) لعلّ الباء على تضمين "صَفَّ" معنى أَمَرَ، لأن صفّ يتعدى بنفسه، لا بالباء، فَكأن المعنى أمر بالناس أن يصفّوا وراءه (عَلَى قَبْرِهَا، وَكبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) هذا معطوف على محذوف، كما بينته الرواية المذكورة آنفًا، أي فصلى عليَها، وكبر أربع تكبيرات. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.