للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صراخهنّ عند حمله، ووضعه، وغير ذلك، من وجوه المفاسد انتهى ملخّصًا.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد ورد ما هو أصرح من هذا في منعهنّ، ولكنه على غير شرط البخاريّ، ولعله أشار إليه، وهو ما أخرجه أبو يعلى من حديث أنس - رضي اللَّه عنه - قال: خرجنا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في جنازة، فرأى نسوة، فقال: "أتحملنه؟ "، قلن: لا، قال: "أتدفِنّه؟ " قلن: لا، قال: فارجعن مأزورات، غير مأجورات".

وقد نقل النوويّ في "شرح المهذّب" أنه لا خلاف في هذه المسألة بين العلماء، والسبب فيه ما تقدّم، ولأن الجنازة لا بدّ أن يشيّعها الرجال، فلو حملها النساء، لكان ذلك ذريعةً إلى اختلاطهنّ بالرجال، فيفضي إلى الفتنة انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٩١٠ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ, فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً, فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ, وَإِنْ تَكُ غَيْرَ ذَلِكَ, فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ, عَنْ رِقَابِكُمْ».

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (سفيان) بن عيينة الإمام الحجة المشهور المكيّ [٨] ١/ ١.

٢ - (الزهريّ) محمد بن مسلم الإمام الحافظ المشهور الحجة المدنيّ [٤] ١/ ١.

٣ - (سعيد) بن المسيّب الإمام الفقيه العابد الحجة المشهور المدنيّ [٢] ٩/ ٩.

والباقيان تقدّما في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

(منها): أنه من خماسيات المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين، غير شيخه، فبغلانيّ، وسفيان، فمكيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة - رضي اللَّه عنه - رَأْسُ المكثرين من الرواية، وفيه سعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي اللَّه عنه - (يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي يرفع هذا الحديث، فيوصله إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، والجملة في محل نصب على الحال، وهذه العبارة من صيغ الرفع حكمًا، وإنما لم يصرّح الراوي بصيغة، من الصيغ المستعملة للرفع، كـ"سمعت" و"حدثني"،


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٥٣٦ - ٥٣٧.