للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدارقطنيّ من طريق أحمد بن منصور الرَّمَاديّ، زاد الإسماعيليّ: ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأخرجه أبو عوانة عن الدَّبَريّ، ومحمد بن سهل الصغانيّ، فهؤلاء أكثر من عشرة أنفس، خالفوا محمودًا، منهم من سكت عن الزيادة، ومنهم من صرّح بنفيها انتهى (١).

ووقع في "صحيح البخاريّ" في آخر رواية محمود بن غيلان: ما نصّه: ولم يقل يونس، وابن جريج، عن الزهريّ: "فصلّى عليه ". سئل أبو عبد اللَّه هل قوله: "فصلى عليه" يصحّ، أو لا؟ قال: رواه معمر، قيل له: هل رواه غير معمر؟ قال: لا. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: قوله: "وسئل أبو عبد اللَّه الخ" وقع هذا الكلام في رواية المستملي وحده عن الفربريّ، وأبو عبد اللَّه هو البخاريّ، وقد اعتُرض عليه في جزمه بأن معمرًا روى هذه الزيادة مع أن المنفرد بها إنما هو محمود بن غيلان، عن عبد الرّزّاق، وقد خالفه العدد الكثير من الحفّاظ، فصرّحوا بأنه لم يصلّ عليه، لكن ظهر لي أن البخاريّ قويت عنده رواية محمود بالشواهد، فقد أخرج عبد الرّزّاق أيضًا، وهو في السنن لأبي قرّة من وجه آخر، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف في قصّة ماعز، قال: "فقيل: يا رسول اللَّه، أتصلي عليه؟، قال: لا، قال: فلما كان من الغد قال: صلّوا على صاحبكم، فصلى عليه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، والناس".

فهذا الخبر يَجمع بين الاختلاف، فتُحمل رواية النفي على أنه لم يصلّ عليه حين رُجم، ورواية الإثبات على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى عليه في اليوم الثاني.

وكذا طريق الجمع لما أخرجه أبو داود عن بُريدة - رضي اللَّه عنه -: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يأمر بالصلاة على ماعز، ولم ينه عن الصلاة عليه"، ويتأيّد بما أخرجه مسلم من حديث عمران ابن حُصين - رضي اللَّه عنهما - في قصّة الجُهَنيّة التي زنت، ورُجمت: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى عليها، فقال له عمر: أتصلي عليها، وقد زنت؟ فقال: لقد تابت توبةً، لو قُسمت بين سبعين لوسعتهم".

وحكى المنذريّ قول من حمل الصلاة في الخبر على الدعاء، ثم قال في قصّة الجهنيّة دلالة على توهين هذا الاحتمال، قال: وكذا أجاب النوويّ، فقال: إنه فاسد، لأن التأويل لا يُصار إليه إلا عند الاضطرار إليه، ولا اضطرار هنا.

وقال ابن العربيّ: لم يثبت أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى على ماعز، قال: وأجاب من منع عن صلاته على الغامديّة، لكونها عرفت حكم الحدّ، وماعز إنما جاء مستفهمًا، قال: وهو


(١) - "فتح" ج ١٤ ص ٩١ - ٩٢.