للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "المصباح" (فَلَمْ نُحِبَّ أَن نُوقِظَكَ بِهَا) أي: بسبب هذه المرأة، ولفظ "الكبرى" "لها"، أي لأجل الصلاة عليها. وعند ابن ماجه: "فكرهنا أن نؤذيك" (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَصَفَّ النَّاسَ) بالنصب على أن "صفّ" متعدّ، ويحتمل أن يكون بالرفع، على أنه لازم، والأول أشهر. قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وصففتُ القومَ، من باب قتل، فاصطفّوا هم، وقد يستعمل لازمًا أيضًا، فيقال: صففتُهُم، فصفّوا هم انتهى (خَلْفَهُ) منصوب على الظرفية، متعلّق بـ"صفّ" (وَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: "لَا يَمُوتُ) وفي "الكبرى" "لا يموتنّ" بنون التوكيد المشدّدة (فِيكُمْ مَيِّتٌ) ولفظ ابن ماجه: "فلا تفعلوا، لا أعرفَنّ ما مات منكم له ميت، ما كنت بين أَظْهُركُمْ، إلا آذنتموني به" (مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ) أي بينكم، فـ"أظهر" جمع "ظهر"، وهو مقحم، والمعنى: ما دمت حيّا بينكم (إِلَّا آذَنْتُمُوني بهِ) بمدّ الهمزة، من الإيذان، وهو الإعلام، أي إلا أعلمتموني بموته، حتى أصليَ علَيه (فَإِنَّ صَلَاتِي لَهُ رَحْمَةٌ") الفاء تعليلية، أي لأن صلاتي عليهم سبب رحمة من اللَّه تعالى لهم. واستَدَلّ بهذا من لا يقول بمشروعيّة الصلاة على القبر، ووجه ذلك أن قوله:، "صلاتي له رحمة" يدلّ على الخصوصية، والحقّ أنها مشروعة، وسيأتي الجواب عن هذا القول قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث يزيد بن ثابت - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا - ٩٤/ ٢٠٢٢ - وفي "الكبرى" ٩٤/ ٢١٤٩. وأخرجه (ق) ١٥٢٨. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو مشروعيّة الصلاة على القبر، وسيأتي البحث عنه مستوفًى في المسألة التالية، إن شاء اللَّه تعالى. ومنها: ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من كمال الأخلاق، وكمال الرأفة بأمته، حيث كان يعتني بالضعفاء والمساكين أشدَّ عناية، فيسأل عن أحوالهم، ويعود مرضاهم، ويصلي على موتاهم، ويُشَيِّع جنائزهم، فكان - صلى اللَّه عليه وسلم - في الذروة العليا من مكام الأخلاق، كما وصفه اللَّه سبحانه وتعالى بذلك، حيث قال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤]. ومنها: ما كان عليه الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من حسن الأدب - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلا يجترؤون على أن يوقظوه إذا نام، حتى يكون هو المستيقظَ. ومنها: مشروعية الإعلام بموت الإنسان حتى يجتمع المسلمون، فيصلّوا