للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسلمين، فإن قارن نطق لسانه عقد قلبه نفعه ذلك عند اللَّه تعالى، بشرط أن لا يكون وصل إلى حدّ انقطاع الأمل من الحياة، وعجز عن فهم الخطاب، وردّ الجواب، وهو وقت المعاينة، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ: إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: ١٨] (١). ومنها: أن الذي ينفع الإنسان عمله، لا نسبه، فإذا كان غير متبع للإسلام، فلا تنفعه شفاعة الشافعين. ومنها: جواز الحلف من غير استحلاف، حيث قال النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لأستغفرنّ لك"، وفي رواية مسلم: "أما واللَّه لأستغفرنّ لك"، قال النوويّ: وكأن الحلف هنا لتوكيد العزم على الاستغفار، وتطييبًا لنفس أبي طالب انتهى. ومنها: أن الهداية بمعنى التوفيق للخيرات، وكذا الضلال من اللَّه تعالى، ولا يقدر على ذلك أحد من الخلق، لا نبيّ مرسل، ولا ملك مقرّب، فهو الذي يَهدي من يشاء، وُيضلّ من يشاء، ولقد أحسن من قال، وأجاد في المقال:

أَضَلَّ مَنْ شَاءَ وَمَنْ شَاءَ هَدَى … مَا بِيَدِ الْعَبْدِ ضَلَالٌ وَهُدَى

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٠٣٦ - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ, عَنْ عَلِيٍّ, قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلاً, يَسْتَغْفِرُ لأَبَوَيْهِ, وَهُمَا مُشْرِكَانِ, فَقُلْتُ: أَتَسْتَغْفِرُ لَهُمَا, وَهُمَا مُشْرِكَانِ, فَقَالَ: أَوَلَمْ يَسْتَغْفِرْ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ؟ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: ١١٤]).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (إسحاق بن منصور) الكَوْسَج المروزي، ثقة ثبت [١١] ٧٢/ ٨٨.

٢ - (عبد الرحمن) بن مهديّ الحافظ الثبت الناقد البصريّ [٩] ٤٢/ ٤٩.

٣ - (سفيان بن سعيد) الثوريّ الكوفيّ الإمام الثبت الحجة [٧] ٣٣/ ٣٧.

٤ - (أبو إسحاق) عمرو بن عبد اللَّه السبيعيّ الكوفيّ العابد الثبت يدلس، واختلط بآخره [٣] ٣٨/ ٤٢.

٥ - (أبو الخليل) عبد اللَّه بن الخديل، ويقال: ابن أبي الخديل، ويقال: عبد اللَّه بن الخليل بن أبي الخليل الحضرميّ الكوفيّ، مقبول [٢].

روى عن عمر، وعليّ، وابن عباس، وزيد بن أرقم. وعنه أبو إسحاق السبيعيّ،


(١) - راجع "الفتح" ج ٩ ص ٤٥٩ "كتاب التفسير سورة القصص".