للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكافر يُسأل مرفوعةٌ، مع كثرة طرقها الصحيحة، فهي أولى بالقبول.

وجزم الترمذيّ الحكيم بأن الكافر يُسأل، واختلف في الطفل، غير المميّز، فجزم القرطبيّ في "التذكرة" بأنه يُسأل، وهو منقول عن الحنفية، وجزم غير واحد من الشافعيّة بأنه لا يسأل، ومن ثمّ قالوا: لا يُستحبّ أن يُلقّن. واختلف أيضًا في النبيّ، هل يسأل، وأما الملك، فلا أعرف أحدًا ذكره، والذي يظهر أنه لا يسأل؟ لأن السؤال يختصّ بمن شانه أن يُفتن.

وقد مال ابن عبد البرّ إلى الأول، وقال: الآثار تدلّ على أن الفتنة لمن كان منسوبًا إلى أهل القبلة، وأما الكافر الجاحد، فلا يسأل عن دينه. وتعقّبه ابن القيّم في "كتاب الروح"، وقال: في الكتاب والسنّة دليل على أن السؤال للكافر والمسلم، قال اللَّه تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} الآية [سورة إبراهيم - عليه السلام -: ٢٧]، وفي حديث أنس - رضي اللَّه عنه - في البخاريّ: "وأما المنافق والكافر" بواو العطف. وفي حديث أبي سعيد: "فإن كان مؤمنا -فذكره، وفيه-: فيأتيه منكر ونكير … " الحديث، أخرجه أحمد هكذا، قال: وأما قول أبي عمر: فأما الكافر الجاحد، فليس ممن يُسال عن دينه. فجوابه أنه نفي بلا دليل، بل في الكتاب العزيز الدلالة على أن الكافر يسأل عن دينه، قال اللَّه تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: ٦]، وقال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.

قال الحافظ: لكن للنافي أن يقول: إن هذا السؤال يكون يوم القيامة انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تخصيص هذا السؤال بيوم القيامة مما لا دليل عليه، بل السؤال يكون في القبر، وفي القيامة، فالصواب ما قاله ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. واللَّه تعالى أعلم.

(فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي) وفي رواية أبي داود المتقدّمة: وإن الكافر إذا وُضع في قبره أتاه ملك، فينتهره، فيقول له: ما كنت تعبد؟ وفي أكثر الأحاديث: "فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ ". وفي حديث البراء المتقدّم: "فيقولان له: مَن ربّك؟، فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟، فيقول هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري"، وهو أتمّ الأحاديث سياقًا.

(كُنْتُ أَقُولُ: كَمَا يَقُولُ النَّاسُ) وفي رواية للبخاريّ: "كنت أقول: ما يقول الناس وفي حديث أسماء عنه: "سمعت الناس يقولون شيئًا، فقلته"، وكذا في أكثر الأحاديث.