للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويؤيد هذا الوجه ما في "الكبرى" بلفظ: "مع سليمان بن صرد الخ".

(وخَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ) بضمّ العين المهملة، وسكون الراء، وضم الفاء، وإعرابه كسابقه (فَذَكَرُوا) أي ذكر القوم الحاضرون في المجلس (أَنَّ رَجُلًا، تُوُفِّيَ مَاتَ) بدل من "تُوفّى" (بِبَطْنِهِ) أي بسبب مرض بطنه (فَإِذَا هُمَا يَشْتَهِيَانِ) "إذا" فجائيّة، أي ففاجأ اشتهاؤهما (أَنْ يَكُونَا شَهِدَا جَنَازَتَهُ) بصيغة الماضي المسند لضمير الاثنين، ونصب "جنازته" على المفعولية، هكذا في النسخة "الهندية"، و"الكبرى"، ووقع في النسخ المطبوعة: "شُهداء جنازته"، بصيغة جمع شهيد، وإضافته إلى "جنازته"، والأول أوضح، وللثاني وجه أيضًا، وهو أن تقدّر "من"، أي من شهداء جنازته (فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "مَنْ يَقْتُلْهُ) "من" شرطيّة، فلذا جزم فعل شرطها، ودخلت الفاء في جوابها، ويحتمل أن تكون موصولة، والفعل مرفوع، ودخلت الفاء في خبرها لشبهها بالشرطية (بَطْنُهُ) قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أي الذي يموت بمرض بطنه؛ كالاستسقاء، ونحوه انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- في "التذكرة": فيه قولان:

أحدهما: أنه الذي يصيبه الذّرَب، وهو الإسهال، تقول العرب: أخذه البطن، إذا أصابه الداء، وذَرِب الجرحُ: إذا لم يقبل الدواء، وذربت معدته: فسدت.

والثاني: أنه الاستسقاء، وهو أظهر القولين فيه؛ لأن العرب تنسب موته إلى بطنه، تقول: قتله بطنه، يعنون الداء الذي أصابه في جوفه، وصاحب الاستسقاء قلّ أن يموت إلا بالذّرب، فكأنه قد جمع الوصفين، وغيرهما من الأمراض، والوجود شاهد للميت بالبطن أن عقله لا يزال حاضرًا، وذهنه باقيًا إلى حين موته؛ ومثل ذلك صاحب السّلّ، إذ موت الآخر إنما يكون بالذرب، وليست حالة هؤلاء كحالة من يموت فجأة، أو يموت بالسام، والبرسام، والحمّيات المطبقة، أو القولنج، أو الحصاة، فتغيب عقولهم؛

لشدّة الآلام، ولزوم أدمِغَتهم، ولفساد أمزجتها، فإذا كان الحال هكذا، فالميت يموت، وذهنه حاضر، وهو عارف باللَّه انتهى (٢).

(فَلَنْ يُعَذَّبَ) وفي نسخة: "لم يُعذب وفي أخرى: "فلم يعذّب"، وهذه الظاهر أنها غير صحيحة، لأن الجواب إذا كان منفيا بـ"لم" لا يحتاج إلى الربط بالفاء، اللَّهم إلا أن يقدر فيه مبتدأ، والجملة خبره، أي فهو لم يُعذّب. واللَّه أعلم "فِي قَبْرِهِ"؟) فيه فضل الموت بمرض البطن، حيث إنه يرفع عنه عذاب القبر. والظاهر أن المصنّف أراد بالعذاب فتنة القبر، حيث إنه أورد هذا الباب بعد سؤال القبر، ولم يورده بعد عذاب


(١) - "النهاية" ج ١ ص ١٣٦.
(٢) - "التذكرة في أحوال الموتى، وأمور الآخرة" ج ١٧٢.