للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"صحيح مسلم"، فقد أخرجه من طريق غيلان بن جرير، عن مطرّف، عن عمران بن حُصين - رضي اللَّه عنهما - أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال له -أو لرجل، وهو يسمع-: "يا فلان أصمت من سُرّة هذا الشهر؟ … " الحديث. انظر "صحيح مسلم" ج ٨ ص٢٩٠ بنسخة شرح النووي. واللَّه تعالى أعلم.

وقال الخطابيّ: قال بعض أهل العلم: سؤاله - صلى اللَّه عليه وسلم - عن ذلك سؤال زجر وإنكار؛ لأنه قد نهى أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين. وتُعُقّب بأنه لو أنكر ذلك لم يأمره بقضاء ذلك. وأجاب الخطابيّ باحتمال أن يكون الرجل أوجبها على نفسه فلذلك أمره بالوفاء، وأن يقضي ذلك في شوّال انتهى.

وقال ابن المنيّر في "الحاشية": قوله: "سؤال إنكار" فيه تكلّف، ويَدفع في صدره قول المسؤول: لا يا رسول اللَّه، فلو كان سؤال إنكار لكان - صلى اللَّه عليه وسلم - قد أنكر عليه أنه صام، والفرض أن الرجل لم يصم، فكيف ينكر عليه فعل ما لم يفعله؟. ويحتمل أن يكون الرجل كانت له عادة بصيام آخر الشهر، فلما سمع نهيه - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يتقدّم أحد رمضان بصوم يوم أو يومين، ولم يبلغه الاستثناء ترك صيام ما كان اعتاده من ذلك، فأمره بقضائها لتستمرّ محافظته على ما وظّف على نفسه من العبادة؛ لأن أحبّ العمل إلى اللَّه تعالى ما داوم عليه صاحبه.

وقال ابن التين: يحتمل أن يكون هذا كلاما جرى من النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - منه جوابًا لكلام لم يُنقل إلينا انتهى. قال الحافظ: ولا يخفى ضعف هذا المأخذ.

وقال آخرون: فيه على أن النهي عن تقدّم رمضان بيوم أو يومين إنما هو لمن يقصد به التحرّي لأجل رمضان، وأما من يقصد ذلك فلا يتناوله النهي، ولو لم يكن اعتاده. وهو خلاف ظاهر حديث النهي؛ لأنه لم يستثن منه إلا من كانت له عادة.

وأشار القرطبيّ إلى أن الحامل لمن حمل سرر الشهر على غير ظاهره، وهو آخر الشهر الفرار من المعارضة لنهيه - صلى اللَّه عليه وسلم - عن تقدّم رمضان بيوم أو يومين، وقال: الجمع بين الحديثين ممكن بحمل النهي على من ليست له عادة بذلك، وحمل الأمر على من له عادة؛ حملاً للمخاطب بذلك على ملازمة عادة الخير حتى لا يقطع.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في وجه الجمع بين الحديثين أولى الأوجه المذكورة في الجمع.

وحاصله أن يحمل حديث النهي عن تقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين على من ليست له عادة بصوم ذلك، وأما من كانت له عادة بصومه فلا بأس، لحديث السرر.

كما تقدّم حمل النهي عن الصوم بعد نصف شعبان، على من يُضعفه الصوم، وأما