للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو يقولها في نفسه؟. وبالثاني جزم المتوليّ، ونقله الرافعي عن الأئمة، ورجح النوويّ الأول في "الأذكار"، وقال في "شرح المهذّب": كل منهما حسن، والقول باللسان أقوى، ولو جمعهما لكان حسنًا، ولهذا التردّد أَتَى البخاريُّ، في ترجمته، فقال: "باب هل يقول: إني صائم إذا شُتِم". وقال الرويانيّ: إن كان رمضان فليقل بلسانه، وإن كان غيره في نفسه. وادعى ابن العربيّ أن موضع الخلاف في التطوّع، وأما في الفرض فيقوله بلسانه قطعًا.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أنه يقوله بلسانه مطلقًا؛ لإطلاق النصّ، فإنه لم يفرّق بين فرض وتطوّع. واللَّه تعالى أعلم.

قال: وأما تكرير قوله: "إني صائم"، فليتأكّد الانزجار منه، أو ممن يخاطبه بذلك. ونقل الزركشيّ أن المراد بقوله: "فليقل: إني صائم مرتين" يقوله مرّة بقلبه، ومرّة بلسانه، فيستفيد بقوله بقلبه كفّ لسانه عن خصمه، وبقوله بلسانه كفّ خصمه عنه.

وتُعقّب بأن القول حقيقة باللسان. وأجيب بأنه لا يمنع المجاز.

(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) أقسم على ذلك تأكيدًا (لَخُلْوفُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّه، يَوْمَ الْقِيامَةِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا، إِذَاَ أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ) أي لتمام صومه، وزوال جوعه وعطشه (وَإِذَا لَقَيَ رَبَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَرِحَ بِصَوْمِهِ") أي لما يراه من عظيم ثوابه. واللَّه تعالى أعلم.

والحديث متّفق عليه، وقد تقدّم تخريجه قبل حديث. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٢١٧ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا سُوَيْدٌ, قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, قِرَاءَةً عَلَيْهِ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ الزَّيَّاتُ, أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ, يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ, إِلاَّ الصِّيَامَ, هُوَ لِي, وَأَنَا أَجْزِي بِهِ, الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ, فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ, وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ, أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ, مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال، هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده، وهو مروزيّ ثقة [١٢] ٦٦/ ١٨٠٠. وغير "سُوَيد" بن نصر المروزيّ، فقد انفرد به هو، والترمذيّ، وهو أيضًا ثقة [١٠] ٤٥/ ٥٥.

و"عبد اللَّه": هو ابن المبارك الإمام المشهور.