للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواية أحمد عن هشيم، عن مغيرة، وحصين، عن مجاهد في هذا الحديث: "امرأة من قريش". وهي أمّ محمد بنت مَحْمِيَة -بفتح الميم، وسكون المهملة، وكسر الميم، بعها تحتانيّة مفتوحة خفيفة- ابن جَزْء الزُّبيديّ، حليف قريش، ذكرها الزبير وغيره. قاله في "الفتح" (١) (فَكَانَ يَأْتِيهَا) وفي رواية البخاريّ في "فضائل القرآن": "فكان يأتي كَنَّتَه"،- بفتح الكاف، وتشديد النون: هي زوج الولد (فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا) أي عن شأنه، هل يتفقّدها؟، أو لا يلتفت إليها لشغله بالطاعة، ويحتمل أن يكون السؤال عن غير ذلك، كصحته، أو مرضه، لكن جواب المرأة يقويّ الاحتمال الأول. واللَّه تعالى أعلم.

(فَقَالَتْ: نِعْمَ الرَّجُلُ، مِنْ رَجُلٍ) قال ابن مالك -رحمه اللَّه تعالى-: يُستفاد منه وقوع التمييز بعد فاعل "نعم" الظاهرِ، وقد منعه سيبويه، وأجازه المبرّد. وقال الكرمانيّ: يحتمل أن يكون التقدير: نعم الرجل من الرجال، قال: وقد تفيد النكرة في الإثبات التعميم، كما في قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [التكوير: ١٤]، قال: ويحتمل أن تكون "من" للتجريد، كأنه جرّد من رجل موصوف بكذا وكذا رجلاً، فقال: نعم الرجل المجرد من كذا، صفته كذا انتهى (لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا) أي لم يضاجعنا، حتى يطأ فراشنا (وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا) قال في "الفتح": كذا للأكثر -بفاء، ومثناة ثقيلة، وشين معجمة- وفي رواية لأحمد، والنسائيّ، والكشميهنيّ: "ولم يَغْشَ"-بغين معجمة ساكنة، بعدها شين معجمة- و"كنَفًا" -بفتح الكاف والنون، بعدها فاء-: هو الستر، والجانب، وأرادت بذلك الكنايةَ عن عدم جماعه لها؛ لأن عادة الرجل أن يدخل يده مع زوجته في داخل أمرها. وقال الكرمانيّ: يحتمل أن يكون المراد بالكنف الكنيف، وأرادت أنه لم يطعم عندها حتى يحتاج إلى أن يفتّش عن موضع قضاء الحاجة. كذا قال، والأول أولى. وزاد في الرواية التالية من طريق عَبْثر، عن حُصين: "فوقع بي، وقال: زوجتك امرأة من المسلمين، فعَضَلْتها، فجعلت، لا ألتفت إلى قوله مما أرى عندي من القوّة والاجتهاد، فبلغ ذلك النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - … ".

(مُنْذُ أَتَيْنَاهْ) تعني من أول وقت أن تزوّجها (فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنبِي - صلى اللَّه عليه وسلم -) وفي رواية البخاريّ: "فلما طال ذلك عليه ذكر للنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -"، وفيه أنه أباه تَأَنَّى في شكواه إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - رجاءَ أن يتدارك، فلما تمادى على حاله، خشي أن يلحقه الإثم بتضييع حقوق زوجته، فشكاه (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("ائْتِنِي بِهِ) وفي رواية البخاريّ: "القَني به" (فَأَتَيتُهُ مَعَهُ، فَقَالَ: "كَيْفَ تَصُومُ؟ قُلْتُ: كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: "صُمْ مِنْ كُلِّ جُمْعَةٍ، ثَلَاَثةَ أَيَّامِ، قُلْتُ:


(١) -"فتح" ج١٠ ص ١١٧.