للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بْنِ عَمْرٍو, قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو, إِنَّكَ تَصُومُ الدَّهْرَ, وَتَقُومُ اللَّيْلَ, وَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ, هَجَمَتِ الْعَيْنُ, وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ, لَا صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ, صَوْمُ الدَّهْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ, مِنَ الشَّهْرِ, صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ» , قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ: «صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ, كَانَ يَصُومُ يَوْمًا, وَيُفْطِرُ يَوْمًا, وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدموا غير مرّة. و"خالد": هو ابن الحارث الْهُجَيميّ.

وقوله: "هجمت العين": أي غارت، ودخلت في موضعها. وقال القرطبيّ: وتحقيقه: هجمت على الضرر دفعة واحدةً، فإن الْهَجْم هو أخذ الشيء بسرعة بغتةً.

ويحتمل أن يكون معناه: هجمت العين عليه بغلبة النوم لكثرة السهر السابق، فينقطع عما التزم، فيدخل في ذمّ من ابتدع رَهْبانيّة، ولم يُرَاعها، وكما قال له: "يا عبد اللَّه لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، فترك قيام الليل" انتهى (١).

وقوله: "ونفِهَت له النفس" بكسر الفاء: أي تَعِبَت، وكَلت، وضَعُفت عن القيام بالواجبات.

قال في "الفتح": ووقع في رواية النسفيّ: "نَثِهَت" بالمثلثة بدل الفاء، وقد استغربها ابن التين، فقال: لا أعرف معناها. قال الحافظ: وكأنها أبدلت من الفاء، فإنها تبدل منها كثيرًا. وفي رواية الكشميهني بدلها: "ونَهِكَت": أي هزلت، وضعفت. انتهى (٢).

[تنبيه]: وقع في "الكبرى": "هجعت العين، -بالعين بدل الميم- "وتعمدت له النفس" بدل "نفهت" والظاهر أنهما مصحّفان.

وقوله: "صوم الدهر ثلاثة أيام من الشهر، صوم الدهر كله" هكذا وقع في النسخ، ثم هو يحتمل أن يكون قوله: "صوم الدهر" بالنصب بدلاً مما قبله، أي لا صام من صام الأبد، صومَ الدهر، أو مفعولا لفعل مقدّر، أي أعني صومَ الدهر، فيكون من تمام ما قبله، ويكون قوله: "ثلاثةُ أيام من الشهر صوم الدهر كله" مبتدأ وخبرًا، فيكون قد بيّن المشروع من صوم الدهر، بعد أن بيّن منع صوم الدهر، أي صيام ثلاثة أيام من كلّ شهر يحصل به صوم الدهر مع كونه مشروعًا.

ويحتمل أن يكون "صوم الدهر" مرفوعًا على أنه خبر مقدم لقوله: "ثلاثةُ أيام"، أي صوم ثلاثة أيام من الشهر كصوم الدهر، وقوله: "صوم الدهر كله" خبر لمحذوف، أي هو صوم الدهر كله، والجملة تأكيد لما قبلها.


(١) - "المفهم" ج ٣ ص ٢٢٤.
(٢) - "فتح" ج ٤ ص ٧٤٦.